"الميثاق الوطني" يجهز على المدرسة العمومية
1- السياق العام لتفكيك
التعليم كخدمة عمومية:
يندرج
الهجوم على التعليم كخدمة عمومية في سياق استمرار
المنطق السائد في هذا الطور من تاريخ الرأسمالية و المتمثل عمو ما في عملية تفكيك الخدمات الإجتماعية التي تعد من بين مكاسب الحركة العمالية
العالمية. فمنذ منتصف السبعينات و بفعل الأزمة
الإقتصادية جرى كبح عنيف لنمو النفقات العمومية و هكذا
شهدت نفقات التعليم انخفاضا سريعا في كافة البلدان بما فيها دول الشمال، و مع بداية الثمانينات حيث استمرار الأزمة الإقتصادية و انخفاض معدل
النمو الإقتصادي لجأت الدول الرأسمالية الكبرى إلى فرض
سياسات التقويم الهيكلي بهدف تقليص نفقات الميزانية
و إيلاء الأسبقية للتصدير و دعم الخوصصة و المرونة في الشغل. ومن أجل تسريع و ثيرة التفكيك هذه، استعملت القوى الرأسمالية الكبرى
الديون كأداة لفرض سياساتها النيولبرالية على بقية دول
العالم. و منذ أواخر الثمانينات و مع الإنهيار الحاد
الذي عرفته الحركة العمالية العالمية تصاعد الهجوم النيولبرالي و تم بذلك تقويض المحاور الكبرى لسياسة التعليم؛ حيث تم دعم القطاع الخاص و
إقامة شراكة مع عالم المقاولة و اعتماد مقاربة الكفايات
و نزع طابع التقنين و تخفيض ساعات الدروس الخاصة
للتلاميذ، كل هذا من أجل مطابقة المدرسة مع متطلبات الإقتصاد الرأسمالي الجديد و ملاءمة التعليم للحاجيات المباشرة للباطرونا و بالتالي
تحويل المدرسة إلى سلعة و حرمان الطبقات الشعبية من
المعرفة.
2- الميثاق الوطني" يجهز على المدرسة العمومية:
تنفيذا
لتوصيات المؤسسات المالية العالمية قرر الميثاق اللبرالي
من خلال المواد 169،170،173،174،175، أن تساهم الأسر في تمويل التعليم عبر أداء رسوم التسجيل في الثانوي و العالي و حرمان التلاميذ و
الطلبة من المنحة. و من خلال المادة165 أكد الميثاق على حفز
القطاع الخاص عبر وضع نظام جبائي ملائم و مشجع و
إعفاء كلي من الضرائب و أداء منح مالية لدعم المؤسسات الخاصة. و بخصوص ترقية و ترسيم المدرسين فإن الميثاق، في المادة 138، سيخضعها للمردودية و
الكفاءة التي سيحددها مجلس تدبير المؤسسة الذي يتكون
من أطراف لا علاقة لها بالتربية. و ستتم شرعنة
العمل بالعقدة (المادة135) التي تعني ضرب جميع المكتسبات التي حققتها الشغيلة بنضالاتها: الإستقرار، التقاعد، الترقية، التعويضات، الحريات
النقابية....
الميثاق
الوطني ينص بوضوح على تنصل الدولة من التجهيز و
التوظيف و إلقاء هذه المهمة على عاتق الجماعات. الميثاق الوطني سيجهز على كل شيء، على كل الأسس التي انبنت عليها المدرسة العمومية: المجانية،
الإجبارية، التعميم و التوحيد. لا يمكن الحديث عن مدرسة
عمومية في غياب تعليم جيد غير مؤدى عنه، يضمن للمدرسين
الإستقرار في العمل و التقاعد المناسب و الترقية العادلة و التكوين المعرفي و التربوي الفعال و الدائم. لا يمكن الحديث عن مدرسة
عمومية يتم التخلي عن تمويلها بالمقابل صرف نفقات طائلة من
المال العام على القطاع الخاص. ست سنوات من تطبيق
الميثاق الليبرالي لم تدع لأحد شكا في أهدافه و مراميه الحقيقية، البعيدة كل البعد عن الكلام المنمق و الشعارات البراقة من قبيل التنمية، الإصلاح،
الشراكة،
الجودة و القرب.هذه الشعارات التي لا معنى لها سوى التخلي
التدريجي للدولة عن مسؤوليتها في تمويل التعليم و في شروط
لا تدع مجالا لأي رد شعبي.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire