dimanche 27 mai 2012

في طبيعة أزمة الحركة النقابية


في طبيعة أزمة الحركة النقابية

عاش الاتحاد العام التونسي للشغل حالة شللية وغيابا لمركز قرار واصطفافات متقابلة بين أطراف البيروقراطية خلق جوّا من البلبلة والتذبذب والتردّد بين عموم النقابيين. وممّا عمّق هذه الوضعية أنّ عملية الاستقطاب التي حصلت في الأزمة الأخيرة بقيت في مستوى فوقي لم يقع إشراك الإطارات والهياكل النقابية الوسطى والدنيا فيها ولم يقع خوض صراع وحوار حقيقيين بين النقابيين حول طبيعة الأزمة وأطرافها والإستحقاقات المترتبة عنها وأفاق الخروج منها لصالح الشغيلة. ولقد ختم الصراع على النحو الفوقي المسطّر له سلفا واجبر الأمين العام على الاستقالة وتمّ إعادة توزيع المسؤوليات بين نفس التشكيلة السابقة وتغيّرت الولاءات في الساعات الأخيرة وحصلت التزكية بعد ذلك في الهيئة الإدارية المستعجلة ليبدأ مسار تصحيح المسار!!؟؟


فهل يمكن التغيير وتصحيح المسار النقابي بنفس وجوه الفساد والبيروقراطية والتسلط والذيلية للسلطة؟!
هل يمكن إنجاز وتحقيق الديمقراطية النقابية بنفس الوجوه المعادية للديمقراطية والتي احترفت تزوير المؤتمرات وتدليس النيابات وشراء الذمم وحلّ الخلافات النقابية عن طريق لجنة النظام وتجريد المناضلين...الخ؟!
هل يمكن تحقيق الإستقلالية النقابية بنفس الوجوه التي كرّست ولا زالت سياسات الولاء والتأييد وأخس مظاهر التبعية والذيلية للسلطة وحزبها؟!
هل يمكن إعطاء مضمون نضالي للعمل النقابي بنفس الوجوه التي كرّست وتكرّس السلم الإجتماعية وشكّلت غطاء لتسريح آلاف العّمال والتفويت في القطاع العام وتهرئة القدرة الشرائية للشغيلة وتزكية الخيارات الاقتصادية والاجتماعية للنظام؟!
كّل ذلك يطرح على القوى والفعاليات النقابية التقدّمية والديمقراطية، على اليسار النقابي المناضل الحقيقي وعلى مناضلي اليسار الثوري الإنخراط النضالي في تصحيح المسار النقابي من خلال تسليح النقابيين بتشخيص علمي سليم للأزمة القائمة ومنه الانتقال لرسم ملامح البديل التقدّمي الديمقراطي لها.
الإطار العام للأزمة:
لقد شكّل الإتحاد العام التونسي للشغل ولا يزال طرفا أساسيا في خارطة التوازنات السياسية والاجتماعية بالبلاد لذلك لا يمكن فهم وضعيته الأخيرة بمعزل عن الساحة القطرية. فالسلطة تعيش اليوم حالة من الترّهل والتآكل والإستقطابات الداخلية بين مجمل أطرافها ومكوّناتها بعد ان استنفذت كلّ الوسائل التي اعتمدتها طيلة العشريّة الماضية حيث اتسمت أساسا باللجوء إلى القمع المفتوح وبولسة المجتمع والدولة من ناحية وممارسة الاحتواء عن طريق الفساد والإفساد المالي وشراء الذّمم والوصاية على المنظمات والجمعيات من ناحية أخرى.
لقد أدّى الوضع المأزقي للسلطة الرجعية إلى تقليص قاعدتها الإجتماعية وتزايد عزلتها السياسية تحت وطأة:
-         حالة الغليان الشعبي المتنامي والمتزايد من جرّاء الاستغلال والنهب واللصوصية التي تمارسها الطبقات الرجعيّة الحاكمة فشملت قطاعات واسعة من العمّال والموظّفين والطلاب والتلاميذ والمحامين والمنتجين الصغار والتجّار الصغار والعاطلين عن العمل... الخ
-         ضغط سياسي داخلي متصاعد وجريء شمل العديد من القوى والفعاليات السياسية وأعدادا متزايدة من المثقّفين ونشطاء حقوق الإنسان والحركة النسوية تحت شعار ناظم هو المطالبة بالديمقراطية والحريّات العامة وحقوق الإنسان ومقاومة الفساد والإفساد.
-         ضغط خارجي من الجمعيات بل من الدول الإمبريالية الكبرى على السلطة بعد مؤشرات إفلاس رموزها الحالية وسعي هذه الدول للبحث عن وجوه جديدة بديلة تكون أكثر كفاءة وأقل تكلفة في الإشراف على دورة النهب الإمبريالي لخيرات ومقدّرات القطر تحت جبّة العولمة اللبوس الأخير للاستعمار الجديد.
كلّ ما سبق انعكس على الإتحاد باعتباره أكبر منظمة جماهيرية، خاصة وأن السلطة قادمة على استحقاقات تطبيق الجزء الثاني من الاتفاقية الاستعمارية المسمّاة كذبا شراكة، حيث يتعلّق الأمر بتحرير قائمة ضخمة من السلع تنتج أصلا في تونس وهو ما سيؤدي حتما إلى إفلاس بالجملة وتسريح ضخم لآلاف العمّال وتقليص لمداخيل الدولة التي عملت على تعويضها من عرق الكادحين. كما أن المرحلة القادمة ستعرف استكمال الإجهاز على القطاع العام والتفويت فيه وما سينجر عنه من نتائج اجتماعية خطيرة على الشغيلة نحو مزيد من التفقير والتهميش والتجويع. كلّ ذلك تزامن مع استحقاقات 2004 بالنسبة للفريق الحاكم حيث لا يمكن تمرير تجديد مدّة رئاسية جديدة دون توريط الإتحاد العام التونسي للشغل في تزكيتها من ناحية، وتطويع الاتحاد والإمساك به جيّدا منعا لأي انفلاتات قد تقلب كلّ الموازين رأسا على عقب وتعيد رسم الخارطة السياسية.
إن كلّ ذلك دفع السلطة إلى السعي لإعادة ترتيب أولويات علاقتها بالإتحاد عامة وبالبيروقراطية النقابية خاصّة حتّى تتمكن من تلجيم النقابيين ومن ورائهم عموم الكادحين لتمرير خياراتها المعادية للوطن والشعب والطبقة العاملة. ذلك أن البيروقراطية النقابية كانت ولا زالت يد السلطة وتابعها الذليل في صفوف الحركة النقابية، تعمل على ترويج خياراتها ومباركتها وهو ما تمّ فعلا في العشرية السوداء الفارطة.
في هذا الإطار يتنزّل فهم الوضع الشللي للمنظمة وفيه أيضا يتحدّد دور الإتحاد العام التونسي للشغل ومكانته على ساحة العمل الوطني وبرامجه ومساراته وأسس علاقته بالسلطة.
تشخيص الأزمة:
يتبادر للذهن سؤال هل ان ما عاشه الإتحاد في الأشهر الأخيرة هو مجرّد صراع واستقطاب بين أطراف البيروقراطية فقط؟ أم أن المسألة أكبر وتعرّي واقعا اشمل وأعقد؟ فما هي عناصر الأزمة وما هي أبعادها؟
أ- أزمة قيادة:
بيروقراطية متنفذّة ومتسلّطة جاء بها مؤتمر سوسة وما تلاه من مؤتمرات وهي قيادة واكبت السلطة السياسية بعد 7 نوفمبر وانطبعت بطابعها حيث لعبت دور التابع الذليل للسلطة ويديها التي خنقت العمل النقابي وكرّست السلم الإجتماعية وضربت النقابيين وافرغت الإتحاد من مناضليه وإطاراته ودجّنت الكادحين ومارست الفساد والإفساد المالي والإستثراء وعملت على شراء الذّمم كلّ ذلك ترادف مع تقزيم المنظمة وإلغاء دورها على الساحة الوطنية وتحويلها إلى أداة معادية للنضال الديمقراطي وللحركة الديمقراطية وتدجينها في منظومة "الميثاق الوطني" فتحوّلت إلى أداة طيعة لتفريخ بيانات الولاء والتأييد لخيارات السلطة اللاوطنية واللاشعبية اللاديمقراطية...
هي نفس البيروقراطية التي انقسمت على نفسها بعد أقل من سنة واحدة على مؤتمر الكرم الثاني فعكست بانقسامها، على نحو ما، الاستقطاب الخفي الحاصل في السلطة وفي أجهزتها ممّا أدّى إلى حالة الشّلل في المنظمة تسمح للأعراف وللسلطة بتمرير ما يريدونه على عاتق الشغيلة وتعمل على محاولة تجديد وتلميع صورتها عن طريق إيجاد حلّ فوقي يقطع الطريق على القوى المناضلة وعموم النقابيين الصادقين لمحاسبة كلّ أطراف وكتل البيروقراطية كأساس لخلق ديناميكية نضالية تجذّر الاتحاد وتصحّح مساره وعليه تراكم مراكمة جدّية في إعادة بناء الحركة النقابية. لذا عملت البيروقراطية المنتصرة على ترديد خطاب القوى الوطنية التقدّمية ودغدغت النقابيين لاستمالتهم إلى أشكالها الفوقيّة في حسم صراعاتها الداخلية.
إنّ ما تلى تغيير الأمين العام بدأ يكشف مخاطر جدّية تهدّد الإتحاد العام التونسي للشغل وتنذر بحقبة قد تكون أكثر حلكة من العشرية الماضية حيث وقع التوجّه وجهة الربط العضوي للمنظمة بالتجمع الدستوري وبالسلطة، فكانت البداية بتدليس لائحة الهيئة الإدارية لتضمينها آيات الولاء والطاعة للسلطة مثلما كانت في اللوائح السابقة وتوّجت بالتواطئ مع الحصار البوليسي المضروب حول دور الإتحاد في العاصمة وصفاقس وقابس والقصرين وجندوبة والاعتداء على النقابيين وتعنيفهم وسقوط جرحى منهم وغيرها إبّان محاولات النقابيين التعبير عن دعم الإنتفاضة ثمّ توجت بالمسيرة المهزلة مع الحزب الحاكم لتنفس احتقان الغضب المتصاعد في صفوف النقابيين والجماهير ضدّ القمع البوليسي. ثمّ كان المنعرج الأخطر بتكوين مليشيات من عناصر مشبوهة وغريبة لا علاقة لها بالساحة النقابية وتنسيق واضح مع البوليس السياسي وتحت إشراف الكاتب الخاص للأمين العام محمّد الدّامي صاحب الأدوار المشبوهة حيث باشرت هذه المليشيات نشاطها بتمزيق اللافتات المساندة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان في بطحاء محمّد علي أثناء تجمّع مسيرة 4 ديسمبر 2000 وصولا إلى العنف الهمجي على نمط عصابات "الشرفاء" الذي مارسته تلك المليشيات ضدّ إطارات ومسؤولين ومناضلين نقابيين ليلة 15 ماي ونهار 16 ماي 2001.
إنّ ما سبق سيجد ترجمته على المستوى التنظيمي حيث وقع تثبيت وتركيز نفس العناصر ونفس الوجوه في نفس المواقع أثناء تجديد هياكل الإتحاد وخاصّة في الاتحادات الجهوية، ذلك أنّ الجهات التي ضبطت القوائم وحدّدت النيابات هي  في الحقيقة الولاّة ولجان التنسيق الحزبي للتجمع. هي إذن دسترة المنظمة، تتمّ على قدم وساق كجزء من الاستعداد لاستحقاقات 2004 ولتكريس السلم الطبقية وضرب أي أمل في إستقلالية المنظمة ومواصلة تغييب الإتحاد عن لعب أي دور على المستوى الوطني لصالح الشعب والديمقراطية.
إنّ الأزمة في هذا المستوى تظلّ متواصلة ومتجدّدة تقوم على نفس الأرضية ونفس الثوابت.

ب- أزمة خطّ نقابي ديمقراطي تقدّمي:
على الرغم من حالة النهوض والصحوة التي عرفتها الساحة النقابية في السنوات الثلاثة الأخيرة وما تراكم خلالها من نضالات عديدة وجريئة ضدّ خيارات السلطة أو ضدّ التسلّط والفساد البيروقراطي للقيادة، والتي كان لليسار النقابي المناضل الحقيقي دور ريادي ورئيسي في إذكائها إلاّ أن الأزمة الأخيرة كشفت عن:
-         قطاع كان محسوبا على اليسار النقابي تحوّل فعليا إلى خادم ذليل للبيروقراطيّة، فأفتى بضرورة دعم التغيير الحاصل في الأمانة العامة دون قيد أو شرط، ويبقى على النقابيين – حسب هذا القطاع – أن يفرضوا تغييرا للمسار داخل الإتحاد ولكّنهم لم يقولوا كيف؟ ومع من؟ والى أين؟ ومتى؟ وبذلك وقّعوا صكوكا بيضاء للبيروقراطيّة لترتع كما تشاء وكما كانت تفعل. وهو توجه انتهازي يلتمس الرضى من البيروقراطيّة.
-         قطاع آخر من اليسار خيّر، أمام حالة التهميش والحصار والقمع الذي ضربته البيروقراطيّة حوله، الاستقالة والابتعاد عن الساحة النقابية. ورغم صحوة جانب من هؤلاء فإنّه وجب استنهاض همم البقية وتصحيح نظرة عدد ممن هزّت الروح الانهزامية عزائمهم.
-         قطاع ثالث صمد وعمل على استثمار جميع المحطّات لكسر الحصار البيروقراطي وكشف حالة التردّي التي آل إليها العمل النقابي وتشبّث بالإتحاد على رغم التهميش والحصار وتزوير المؤتمرات ضدّه والوشاية بعناصره للبوليس من طرف عناصر البيروقراطيّة، غير أنّ قوى وفعاليات اليسار النقابي المناضل التي صمدت لم تتوصّل في الفترة السابقة إلى استشراف آفاق العملية النضالية داخل الإتحاد ولم تعمل على رسم معالم الطريق لها من خلال حوار جامع شامل لخلق قطب نقابي يصحّح مسار الإتحاد ويدفع نحو طرح محاور النضال الحقيقي كإطار لتجميع وتوحيد كلّ الطاقات الديمقراطية المناضلة والنزيهة لإحداث فرز واستقطاب حقيقيين داخل الحركة النقابية بين رؤيتين وبرنامجين، أحدهما رجعي تمثّله البيروقراطية بكلّ أطرافها والآخر ديمقراطي تقدّمي يخدم الكادحين وعموم الطبقات الشعبية المسحوقة.
غير أنه وجب التأكيد على أنّ النضالات التي خيضت تفتح المجال واسعا لهكذا عملية نضالية تخرج عموم القوى النقابية اليسارية من موقع التهميش إلى موقع الفاعل الكبير. ذلك أنّ اليسار كان وما يزال القاطرة الحقيقية للحركة النقابية ويستوجب الوضع الراهن أكثر من أي وقت مضى العمل النضالي المشترك لتوحيد الموقف والممارسة. إنّ الدعوة إلى هذه المهمّة ملحة والتقصير في أدائها عجز عن أداء أي مهمّة أخرى.
ج- أزمة غياب برنامج للنضال النقابي:
إنّ انعدام الرؤية واضطرابها لدى قطاع هام من الإطارات النقابية الوسطى والدنيا هو في جوهره انعكاس لغياب برنامج نضال نقابي ديمقراطي تقدّمي يشكّل الأساس الصلب لاستقطاب عموم الشغيلة وتجميع النقابيين وتوحيد طاقاتهم، يرسم لهم معالم المسيرة للخروج من الوضع الشللي المأزوم الذي تعيشه المنظمة الآن، ويفتح أمامهم مسار التغيير الحقيقي في إعادة بناء الحركة النقابية على أسس صلبة نجملها فيما يلي:
1)      تحديد مكانة الإتحاد ودوره في الخارطة السياسية الإجتماعية على أساس الربط الجدلي للقضية الوطنية بأساسها الإجتماعي في التصدّي للرأسمال وللعولمة وللشراكة الاستعمارية من ناحية وربط النضال النقابي بأفقه وإطاره السياسي من حيث أنّ الإتحاد قوّة أساسية ريادية في النضال الديمقراطي لشعبنا بكلّ أبعاده المدنية والسياسية واللإقتصادية والاجتماعية والثقافية ضدّ خيارات السلطة وعموم الرجعية المعادية للوطن والشعب والطبقة العاملة وعليه تحديد مضمون تقدّمي نضالي لمفهوم الإستقلالية النقابية ضدّ الحياد النقابي وضدّ الذيلية والتبعية والنقابة المساهمة سواء تجاه السلطة وحزبها أو تجاه كلّ أرهاط الرجعية.
2)      استعادة الدور المركزي للإتحاد العام التونسي للشغل في استنهاض وتعبئة الطاقات الشعبية ضدّ سياسات التطبيع مع الكيان الصهيوني وضدّ استحقاقاتها، وفي المقابل دعم الإنتفاضة ماديا وسياسيا. كما الاستنهاض الفعلي والنشط لكلّ القوى قطريا وعربيا ودوليا ضدّ الحصار المجرم المضروب على العراق الصامد في إطار الدفاع الجدّي على الهويّة العربية التقدّمية لتونس ولشعبها.
3)      بلورة برنامج للإصلاحات التنظيمية المتعلّقة بتكريس الديمقراطية النقابية أساسها رفع وصاية المكتب التنفيذي على القطاعات ونضالاتها وعليه تمكينها من إستقلالية قراراتها مع إعادة صياغة أسس تمثيلية الجيهات والقطاعات وفقا لقواعد التمثيل النسبي وتقليص صلاحيات الأمين العام والمكتب التنفيذي لصالح الهيئة الإدارية الوطنية والمجلس الوطني وتنقيح النظام الداخلي بما يلغي كلّ الفصول الردعيّة والبيروقراطية وتمكين الهياكل الوسطى والدنيا من نسب محترمة وجدّية من أموال الإنخراطات بما يحقق لها نوعا من الإستقلالية المالية ويسهل نشاطها وحركتها مع إعادة رسم السياسة الإعلامية للمنظمة وخاصة أداتها المركزيّة جريدة الشعب بما يكرّس إعلاما حرّا مستقلا منحازا لقضايا الشعب والديمقراطية يعكس إرادة النقابيين ويقطع مع الإعلام الرجعي التافه كما هو الحال الآن.
4)      وضع آلية رقابة دقيقة وشفافة لمالية الإتحاد وممتلكاته على أساس لجنة ينتخبها المؤتمر مستقبلا للإشراف وإدارة ممتلكات الإتحاد، يقدّم تقريرا تفصيليا سنويا للهيئة الإدارية وللمجلس الوطني وينشرها في وسائل الإعلام. مع محاسبة وتتبع الذين عبثوا بأموال المنظمة وممتلكاتها وأثروا ويثرون على حسابها تطبيقا لشعار "من أين لك هذا" على الجميع وبدون استثناء دون أن يتحوّل هذا الملف إلى وسيلة لتعويم سائر الملفات الأخرى وطمسها.
5)      القطع مع آلية التفاوض الحالية التي تكرّس سلما اجتماعية لا تخدم إلاّ السلطة والأعراف واستبدالها بالتفاوض السنوي مع صلاحيات واسعة وتقريرية ملزمة لسلطات القرار القطاعي في تحديد الموقف من نتائج التفاوض واستعادة قوّة سلاح الإضراب لا بوصفه – كما تصوّره البيروقراطية النقابيّة – وسيلة لتحريك المفاوضات بل سلاح فعّالا للدفاع عن مصالح الجماهير الكادحة مع إعادة سلطة اتخاذ قرار الإضراب أو تأجيله أو تعليقه من صلاحيات سلطات القرار القطاعية فقط.
6)      إعادة هيكلة إدارة الإتحاد مركزيّا وجهويّا بعيدا عن سياسة الزمر والولاءات الجهوية وبعيدا عن الطابع المليشوي الذي كرّس علنا في المدّة الأخيرة وتطهير الإدارة من العناصر المرتبطة بالأجهزة الأمنية والتي تكاثرت بشكل ظاهر واستفزازي مع ضرورة تحديث الإدارة وعصرنتها.
إنّ المحاور الستة الكبرى أعلاه تشكّل في تقديرنا أساس برنامج النضال المطروح داخل الإتحاد العام التونسي للشغل للخروج من الأزمة التي يعيشها غير أنّ ذلك يتطلّب:
-         أولا: فرض تنزيل الصراع والحوار حول الوضع الراهن وآفاق تجاوزه إلى الهياكل الوسطى والدنيا وعموم مناضلي وقواعد الاتحاد حتّى تكون المشاركة واسعة والفرز حقيقي على أسس قاعدية سليمة بما يمنع المزيد من الحلول الفوقية الترقيعية التي تكون للسلطة اليد العليا فيها، خاصة بعد المؤتمرات المهازل التي عرفتها العديد من الجهات وبعد الالتفاف على المجالس الجهوية والهروب من دعوة المجالس القطاعية والمجلس الوطني للانعقاد. لذلك وجب الخروج من المنطق الانتخابي وتحويل مؤتمرات الاتحادات الجهوية والجامعات والنقابات العامّة إلى مناسبات ومنابر حقيقية لتقييم العشرية الماضية تقييما شاملا وتحديد ملامح المرحلة القادمة ورسم آليات إعادة بناء الحركة النقابية على أسس ديمقراطيّة تقدّمية وفضح وتعرية البيروقراطية النقابية.
-         ثانيا: دخول عموم النقابيين الديمقراطيين في حوار شامل صريح حول هذه المحاور من أجل بلورة قطب نقابي ديمقراطي تقدّمي قادر على تصحيح المسار النقابي وتجذير الإتحاد والخروج به من أزمته وفتح آفاق جديدة أمام الشغيلة.
إن النقابة كانت وستظلّ أداة في يدّ الطبقة العاملة وعموم الكادحين من أجل النضال والدفاع عن مصالحهم الماديّة والمعنويّة فإن تحوّلت إلى أداة تكبّل حركة العمّال وجهاز لاستنزافهم ومراقبتهم وإطار لتلجيمهم وتدجينهم وتطويعهم لصالح الرأسمال والرجعيّة ساعتها يصبح من أوكد الواجبات طرح تلك النقابة موضع السؤال.

شكــــــــــــــري بلعيــــــــــــــــد

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire