lundi 27 février 2012


ما هى النقابات؟ وما هو الدور الذى تلعبه في حياة العمال! وما هو هدفها ؟



منذ عرف الإنسان القيمة عرف العمل باعتباره العنصر الأساسى والهام لإتمام أية عملية إنتاجية.والعمال - وهم محور التنمية والتقدم - لا يملكون إلا بيع قوة عملهم مقابل الأجر، وهم يسعون دائماً أن تكون الأجور كافية لمعيشتهم هم وأسرهم، بل ويأملون دائماً في زيادة هذه الأجور لتحسين معيشتهم.
وهذا السعى وذلك الأمل يتصارعون مع مصالح الملاك الذين يسعون دائماً لزيادة ثرواتهم وتعاظم أرباحهم من استثمار العمل ومن فائض عوائده.
وقد عرف العمال في هذا الصراع وسائل عديدة للمساومة، والمقاومة، والاحتجاج، والكفاح لتحسين شروط وظروف عملهم وتحسين مستوى معيشتهم. وتوصلوا خلالها إلى التنظيم في النقابات.
ما هى النقابات؟ وما هو الدور الذى تلعبه في حياة العمال! وما هو هدفها ؟

ج: النقابات هى منظمات العمال الجماهيرية الطبقية، تجمع العمال باختلاف انتماءاتهم وأجناسهم وعقائدهم ومهنهم دون تمييز. وأهدافها هى الدفاع عن مصالح العمال وتحقيق مطالبهم وحماية مكاسبهم، والتعبير عن إرادتهم ومواقفهم وتحسين شروط وظروف العمل وللنقابة بجانب دورها في الدفاع عن المصالح الاقتصادية للعمال، دوراً هاماً في تعليم العمال أهمية الكفاح المشترك والتضامن الطبقى وممارسة الديمقراطية من خلال الحوار والتفاعل والالتزام بقرارات الأغلبية. كما أن للنقابة دورها في تعظيم شعور العمال بقوتهم وقدرتهم على فرض إرادتهم وتحقيق مصالحهم من خلال التنظيم والتوحد.
ويعلمنا تاريخ الطبقة العاملة:- أن نقابات العمال الحقيقية والقوية قد أنتجتها الإضرابات العمالية وأن انتصار النقابات كان مرهونا دائماً بقدرتها على استخدام أدوات الكفاح الجماهيرى الأساسية: "الاجتماع، والتظاهر، والاعتصام والإضراب. فكانت دائماً العلاقة تبادلية بين النضالات العمالية والنقابات فإذا كانت الإضرابات هى التى أنجبت النقابات الأولى فإن النقابات قد استخدمت الإضراب عن العمل في تحقيق مطالب أعضائها وتحسين أحوالهم.
كما يعلمنا التاريخ أن النقابات الحقيقية للعمال لم تنفصل عن قضايا وطنها فكان العمال ونقاباتهم دائماً في مقدمة الصفوف وطلائع الشعب في مقاومة الاستعمار والاستغلال الرأسمالى في المجتمع، وعرفت خلال ذلك روابط المصالح المشتركة بين أصحاب الأعمال والاستعمار والرأسمالية العالمية وعملائهم المحلين وحكوماتهم، ومدى عداء كل هؤلاء للعمال.
كما يعلمنا التاريخ أنه وكما عرف العمال النقابات كأداة لتمثيلهم والدفاع عن مصالحهم، فقد أتى أصحاب الأعمال بالإدارة كأداة لتمثيلهم والدفاع عن مصالحهم بل واستفادوا من الحريات المتاحة لهم في مواجهة العمال فشكلوا الأحزاب السياسية وجمعيات ومنظمات رجال الأعمال بل والبرلمانات والحكومات ليحموا مصالحهم لذلك كان لابد للنقابات الحقيقية من توفر ثلاث عناصر هى :- الاستقلالية، والديمقراطية، والجماهيرية.
أولاً: الاستقلالية: استقلالية النقابات عن الدولة والأحزاب السياسية وأصحاب الأعمال والإدارة هى الشرط الأول لوجودها، ولحمايتها من التدخل أو التأثير عليها، وهى أهم ضمانة لحسن سير أعمال النقابات.
وهى تعنى بالأساس أن النقابات لا تعبر إلا عن إرادة أعضائها ومصالحهم المشتركة، وتعنى تحريرها من أى نفوذ معادى للعمال.
أسس الاستقلالية النقابية:-
1-حق النقابات في وضع قانونها ونظمها الأساسية ولوائحها الداخلية بنفسها ومن خلال التصديق عليها من جمعياتها العمومية التى تملك وحدها حق تعديلها.
2-حق العمال في انتخاب ممثليهم وقياداتهم بدون وصاية على شروط الترشيح والانتخاب.
3-حماية النقابات من الحل أو الوقف عن العمل أو مصادرة الأموال أو عزل القيادات.
4-حماية العمال من الاضطهاد بسبب أنشطتهم النقابية داخل وخارج أماكن العمل.
ثانياً: الديمقراطية:-
الديمقراطية في نقابات العمال تعنى أن القواعد العمالية (الأعضاء) هى صاحبة السلطة والولاية على التنظيم النقابى من خلال مؤتمرات الجمعيات العمومية التى هى السلطة الأولى والأعلى في كل منظمة نقابية، وتملك وحدها حق تقرير شئون النقابة وتوجيه أعمالها ومراقبة أدائها ومحاسبتها، بل ولها وحدها أعداد لوائحها ونظمها الأساسية وقواعد أعمالها الإدارية والمالية.
أسس الديمقراطية النقابية:- 1-حق العمال في تكوين النقابات والانضمام والدعوة إليها بحرية ودون إذن مسبق وبدون تفرقة بين العمال.
2-احترام حق الاجتماع لأعضاء النقابات ومؤتمرات الجمعيات العمومية التى هى السلطة الأعلى التى تضع نظم وشروط العمل لكل المستويات النقابية.
3- إطلاق حق أعضاء النقابات في الترشيح لأى موقع قيادى وفى جميع المستويات بلا تمييز، فشروط العضوية كافية لحق الترشيح.
4-حق النقابات في تمثيل أعضائها والتعبير عنهم ولها في ذلك شخصيتها الاعتبارية، وحق المفاوضة الجماعية وعقد الاتفاقيات الجماعية نيابة عن أعضائها.
5-حرية النقابات في تكوين بنيانها وتركيبها وشروط عضويتها وقواعد اتحادها مع غيرها من النقابات في تكوين الاتحادات الإقليمية أو المحلية أو الدولية
ثالثاً: الجماهيرية:- جماهيرية النقابات العمالية تعنى شمولها لجماهير العمال في عضويتها وليس أجزاء منهم وألا تستبعد من عضويتها أية طوائف من العمال وأن تقوم العضوية فيها على الاختيار والانضمام الطوعى الحر دون جبر أو إكراه.
أسس جماهيرية النقابات:-
1- الجمعية العمومية هى بداية كل نشاط في النقابة وهى مصدر المشروعية والقوة والفاعلية لكل التنظيم النقابى من أدناه إلى أعلاه وهى وعاء لكل الأعضاء.
2-نقابة المنشأة هى الأصل، وهى أهم مستويات التنظيم النقابى، ويمكن القول أن العضوية النقابية تبدأ وتنتهى في مكان العمل حيث يوجد جماهير العمال معاً يلتفون حول مصالحهم ويتوحدون في مقاومة أعدائهم ويجب أن تملك نقابة المنشأة كل الصلاحيات والسلطات وكامل الشخصية الاعتبارية.
3-لجان المندوبين هى ركيزة العمل النقابى، فهى الجهاز المعاون للنقابة حتى تغطى كل العضوية في أماكن عملها، وهى الجهاز الوسيط بين قواعد المنظمات النقابية وقيادتها كما أنها تمثل الرقابة العمالية الدائمة على قيادة المنظمات النقابية وعلى أعمال النقابة الإدارية والمالية وحتى يتم عرضها على مؤتمر الجمعية العمومية.
4-الاهتمام بدور النشطاء النقابيين في إحياء الفكرة النقابية وجذب العضوية الجديدة، وجمع الاشتراكات من العمال مباشرة وإلغاء الخصم الجبرى للاشتراكات من الأجور.
تطوير أهداف الحركة النقابية:- تتطور أهداف النقابات دائماً لتساير تطور الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في العالم حيث تشمل:-
1- الدفاع عن الحق في العمل وعن سياسات خلق وتوسيع فرص العمل.
2- المشاركة في خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
3- التعاون مع المنظمات الجماهيرية والغير حكومية لفرض السياسات الاجتماعية التى ترعى مصالح أصحاب الأجور خاصة في حقوق الإسكان والعلاج والرعاية الصحية والتعليم والنقل والاتصال وغيرها من الخدمات العامة الاجتماعية والثقافية والترفيهية.
4- العمل على زيادة القدرة الشرائية للأجور والمعاشات وتعويض البطالة مع الرقابة على الأسعار، ومقاومة التبذير الرأسمالى وتحميل الأزمات الاقتصادية على الفقراء .
5- الحق في المفاوضة الجماعية وحمايتها من أى تحكم إجبارى، وحمايتها من التأثير والضغوط، والإشراف على تنفيذ نتائجها بعد إبرامها في عقود واتفاقيات جماعية.
6- مشروعية استخدام وسائل الكفاح الجماعية للعمال وعلى رأسها الإضراب عن العمل والإضراب التضامنى والاجتماع والتظاهر والاعتصام وحرية الأعلام.
7- تشجيع التقدم نحو الديمقراطية، وإشاعة العلنية وتوفير المعلومات والممارسة المتكافئة لعلاقات العمل والقضاء على التمييز.
8- تعميم الحماية التعاقدية والتأمينية والنقابية على جميع العمال فى كل القطاعات بلا تمييز، ومقاومة استغلال البطالة والأطفال والمرأة والمهاجرين والأجانب للعمل بشروط أقل وبدون حماية نقابية.

الحركة النقابية المغربية من التمزيق البيروقراطي الى مزيد من التمزيق


الحركة النقابية المغربية من التمزيق البيروقراطي الى مزيد من التمزيق


التـقـديــــــــم


في الوقت الذي تعمل البرجوازية ، في عصر العولمة ، على توحيد تحركاتها وجهودها وتنظم اللقاءات والمنتديات لتتخطى الصراع القوي الذي تفرضه المنافسة الرأسمالية ومنطق السوق للدفاع عن مصالحها المشتركة، وفي الوقت الذي تصعد من هجومها على حقوق ومكاسب الطبقة العاملة وعموم الكادحين ، فان الحركة النقابية تعرف سيرورة تفكك وتمزيق متواصلين كتعبير عن أزمة قيادتها البيروقراطية التي تنهج سياسة التعاون الطبقي وتسعى الى الحفاظ على السلم الاجتماعي وهذا ما وتبعد هذه الحركة عن القيام بالدور الذي وجدت من اجله والمتمثل في توحيد الطبقة العاملة وخلق روح التضامن داخلها في مواجهة همجية الاستغلال الرأسمالي . هذا الواقع يفسر الضعف الكبير للمقاومة العمالية للهجوم النيوليبرالي والدور الدفاعي للحركة النقابية على الصعيد العالمي . ان تغيير موازين القوى بين العمل المأجور والرأسمال يفترض كشرط مسبق ضروري وحتمي توحيد نضالات الطبقة العاملة وعموم الاجراء التي تتميز بالتجزؤ والتشتت وفي معظم الاحيان غياب مطالب تستهدف ضرب الاستغلال كجوهر للنظام الرأسمالي وتجعل هذا الاخير موضع اتهام . وسنحاول في هذه الارضية تقييم مختلف مظاهر التشتت الذي عرفته الحركة النقابية بالمغرب منذ تأسيسها ولازالت تعرفه الى اليوم وتحديد خلفياته ونتائجه . كما سنتطرق لدعوات الوحدة التي تطلق هنا وهناك من قبل القيادات البيروقراطية واسباب فشلها. وفي الاخير سنتناول التصور الذي يمكن من خلاله للتوجه النقابي الديمقراطي الكفاحي الدفع في اتجاه بناء الوحدة النقابية على اسس ديمقراطية وكفاحية حتى تكون الحركة النقابية المغربية قادرة على صد الهجوم النيوليبرالي وفرض ميزان قوة جديد في صالح الطبقة العاملة والجماهير الكادحة.

I - الحركة النقابية المغربية تاريخ طويل من التمزيق

1) الاتحاد المغربي للشغل سيرورة الانحطاط :

ظلت الحركة النقابية المغربية طيلة مدة طويلة تابعة للحركة النقابية الفرنسية سواء من خلال الكونفدرالية العامة للشغل (ك ع ش) أو الاتحاد العام للنقابات الموحدة بالمغرب (أ ع ن م م) . وفي بداية الخمسينيات تمكن المناضلون النقابيون المغاربة من الوصول الى مواقع قيادة في الإتحاد العام للنقابات الموحدة بالمغرب وأصبح للعمال المغاربة دور مهم في النضالات التي تخوضها هذه المركزية ويوم بعد يوم يتضح أكثر فأكثر الترابط بين الاستغلال الاقتصادي والهيمنة الاستعمارية ، وهذا ما يفسر لماذا توطدت بشكل قوي العلاقات بين العمال وحركة المقاومة المسلحة خاصة في اكبر مركز عمالي في المغرب : الدار البيضاء . ان هذا الوعي السياسي الذي اصبحت تملكه الطبقة العاملة المغربية غذى الحاجة ملحة لخلق إطار نقابي يخرج العمال المغاربة من التبعية التنظيمية والسياسية للحركة النقابية الفرنسية، ولهذا بادر عدد من المناضلين النقابيين المغاربة الذين اكتسبوا التجربة والخبرة الى تأسيس الاتحاد المغربي للشغل l'Union marocain du travail في 20 مارس 1955 .
وقد تمكنت النقابة الجديدة بعد الاستقلال من تحقيق العديد من المكاسب للطبقة العاملة المغربية ( الحريات النقابية، الضمان الاجتماعي، الاتفاقيات الجماعية، السلم المتحرك للأجور...) ساهم في ذلك حماس النضال من أجل الاستقلال وموازين القوى التي كانت تميل لصالح الجماهير الشعبية. غير ان الميول البيروقراطية بدأت تظهر بشكل واضح داخل قيادة هذه المركزية في بداية 60 بعد حصولها على مجموعة من الامتيازات من خلال تسيير البورصات النقابية والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ، بالإضافة الى التفرغ النقابي ...الخ . وكان ابرز تعبير عن هذه الميول البيروقراطية إلغاء الإضراب العام بالوظيفة العمومية سنة 1961 ، محاصرة العمل النقابي داخل المقاولات وإفراغ النضالات من أي مضمون كفاحي وتفادي التعبئات على نطاق واسع . لقد دخلت القيادة منذئذ في سياسة السلم الاجتماعي والتعاون الطبقي حفاظا على الامتيازات التي حازت عليها . وكانت النتيجة المباشرة لذلك إضعاف العديد من النقابات القطاعية وتراجع معدل التنقيب كما هو الشأن بالنسبة للوظيفة العمومية.

2) الاتحاد العام للشغالين بالمغرب اول تمزيق للوحدة النقابية:

تأسس حزب الاستقلال سنة 1943 من طرف مجموعة من الوطنين معظمهم من أصول برجوازية بالإضافة الى بعض الملاكين العقاريين والتجار ورجال الصناعة الذين اصطدمت مشاريعهم الاقتصادية والسياسية بالعرقلة الاستعمارية المجسدة في نظام الحماية . وقد تجلى ذلك العريضة المشهورة التي تقدم بها هذا الحزب سنة 1944 بدعم من الولايات المتحدة. وفي هذه الفترة لم تكن مشاكل العمال ومطالبهم ضمن اهتمامات زعماء الحزب الذين انشغلوا بالنضال السياسي في الدرجة الأولى. وبشكل أدق لموقف هذا الحزب من الصراع الطبقي حيث يعتبر ان " نشر الإيديولوجية الأممية في بلد لازال الوعي الوطني فيه في طور التكوين يعني إرادة الحفاظ عليه في عبودية خالدة وان الرأسمالية والبروليتاريا والبرجوازية كلمات مستوردة لا معنى لها "  !!!. بل ان بعض الوطنيين دفعوا في اتجاه تأسيس نقابات مستقلة مبنية على أسس عرقية دينية " نقابية إسلامية ". فشلت نظرا لطابعها العنصري . وفي بداية الخمسينيات لوحظ تزايد كبير جدا لعدد المنخرطين من العمال المغاربة في الاتحاد العام للنقابات الموحدة بالمغرب l'U G S C M ومشاركتهم الفعالة في النضالات المختلفة واستماتتهم في الدفاع عن حقوقهم في وجه السياسة الاستعمارية. وهذا ما حتم على قيادة الحزب تعديل موقفها والدعوة الى الانخراط الجماعي في هذه النقابة التي اتسع تأثير الشيوعيين المغاربة داخلها . ومنذ 1951 أصبح الاتجاه الوطني هو المهيمن داخل الحركة النقابية بالمغرب واستمر هذا الوضع حتى بعد الاستقلال .غير ان الصعود النضالي الذي عرفه المغرب بقيادة الاتحاد المغربي للشغل بعد تأسيسه سيفجر تناقض المصالح من جديد بين البرجوازية والطبقة العاملة وهو ما يفسر الى حد ما انشقاق حزب الاستقلال سنة 1959 ومهد الطريق لهذا الاخير للقيام بتمزيق الوحدة النقابية عبر تأسيس الاتحاد العام للشغالين بالمغرب  l'UGTMفي مارس سنة 1960 الذي سيستعمله كقاعدة عمالية للضغط في صراع هذا الحزب مع القصر . وبذلك يكون حزب الاستقلال اول حزب في المغرب يحول جزءا من الحركة النقابية الى قطاع حزبي مشعب بايديولوجيته المحافظة والرجعية المفسدة لوعي العمال الطبقي .

3) بديل تاريخي أ م تمزيق للوحدة النقابية ؟

مع بداية الستينيات فرضت القيادة النقابية داخل الاتحاد المغربي للشغل سطوتها على هذا الإطار ، في سياق الصراع الدائر بين داخل حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية خاصة مع أنصار بن الصديق . وقد استعملت القيادة ا م ش في حربها هذه شعار "الاستقلالية النقابية " لقطع الطريق أمام محاولات قيادة الاتحاد الوطني للقوات الشعبية للارتكاز على النقابة في صراعه مع النظام السياسي أو تغيير التوجه العام الذي أصبحت البيروقراطية النقابية تسير عليه (سياسة التعاون الطبقي ، الحياد اتجاه المعضلات الكبرى التي كان يواجهها المجتمع المغربي ...).
 ان الحصار الذي وجد فيه مناضلو الاتحاد الوطني للقوات الشعبية أنفسهم من جهة والدينامكية النضالية التي عرفها المغرب ابتداء من 1963 من جهة أخرى ، عوامل ساهمت في خلق مجموعة من النقابات الوطنية خاصة في القطاعات العمومية : التعليم ، الصحة ، البريد .... ظل نشاط هذه النقابات قطاعيا. ومع اتساع دائرة النضالات في بداية السبعينيات أصبح مؤسسو هذه النقابات الوطنية يتجاذبهم خياران مختلفان :
  • الأول: يطرح ضرورة استمرار في العمل داخل الاتحاد المغربي للشغل مع النضال ضد البيروقراطية المهيمنة على هذه النقابة . وهذا هو الموقف السليم المعبر عن تقاليد العمل النقابي والمدافع عن وحدة الطبقة العاملة وأدوات نضالها . وقد دافع عن هذا الطرح عمر بنجلون الذي كان يملك فهما صحيحا لانحطاط قيادة ا م ش ورفض ان يتم استبدال "الوسيط بين الباطرونا والحكم من جهة والعمال من جهة أخرى بوسيط آخر".
  • الثاني: يدعو الى تأسيس مركزية نقابية جديدة ستشكل " بديلا تاريخيا " للاتحاد المغربي للشغل الذي أصبح نقابة "برصوية وخبزية" . وكان هذا موقف الأغلبية العظمى داخل حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية . وهو موقف يأخذ بعين الاعتبار مصالح الحزب بالدرجة الأولى ويتغاضى الطرف عن مصلحة الطبقة العاملة ووحدة ادوات نضالها.
كان الطرح الثاني يعبر عن مصالح القيادة داخل الاتحاد الوطني التي كان تركيزها منصبا على المكاسب السياسية التي سيجنيها الحزب بتأسيس نقابة عمالية خاضعة لتوجيهاته. وأفضى التنسيق بين النقابات الوطنية ، بعد المؤتمر الاستثنائي للحزب الذي تمخض عنه ميلاد الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية سنة 1975 ، الى تأسيس الكونفدرالية الديمقراطية للشغل la CDT في نونبر 1978 . وقد حدد البيان التأسيسي لهذه النقابة أسباب خلقها في المبررات التالية :
  • الاستجابة لمطامح الطبقة العاملة في التحرر من كل أنواع الاستغلال .
  • بناء الأداة النقابية الديمقراطية التي تحترم الديمقراطية الداخلية وتوسع المبادرة القاعدية .
  • الرد على الانحطاط البيروقراطي وانتهازية قيادة الاتحاد المغربي للشغل.
  • إعادة ربط الحركة النقابية بحركة التحرر الوطني .
عرفت الساحة النقابية بعد تأسيس الكونفدرالية الديمقراطية للشغل سلسلة من النضالات بالخصوص في السنوات الأولى شملت قطاع التعليم ، الصحة ، السكك الحديدية ... وشكل ذلك عاملا اساسيا في انغراس ك د ش في القطاع العمومي بشكل كبير . وابتداء من منتصف الثمانينيات تراجعت الديناميكية النضالية وبدأت الميول البيروقراطية تظهر بجلاء داخل "الحركة التصحيحية " في وقت قياسي من خلال التدبير السيئ للعديد من النضالات العمالية: جرادة ، الفوسفاط ، السكك الحديدية ، النقل الحضري بالدار البيضاء ...الخ . وأصبح الاتحاد الاشتراكي الذي يهيمن على قيادة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل يستعملها كأداة للمناورة في صراع المعارضة الليبرالية مع النظام من اجل الحصول على بعض التنازلات البسيطة مع تفادي انفلات الحركة النضالية من قبضة البيروقراطية لانه يخاف تتجاوز سقفه السياسي .
اما في بداية التسعينيات ، وبتأثير من العولمة الرأسمالية والرغبة في التكيف مع مقتضياتها ، فان القيادة البيروقراطية للكونفدرالية الديمقراطية للشغل وأصبحت تحرص على توجيه الدينامكية النضالية للعمال وفق مصالح الحزب . واتضح ذلك في الدعوة الى إضرابات عامة دون القيام بتعبئة فعلية لإنجاحها ( إضراب 14 دجنبر 1990 ) أو إلغائها بعد الإعلان عنها ( إضراب فبراير 1993 ). واستكملت ك د ش سيرورة انحطاطها بتوقيع اتفاق فاتح غشت سنة 1996 الذي أعطى لخط "السلم الاجتماعي" - الذي ميز نشاطها منذ مؤتمرها الثاني سنة 1986 – طابعا رسميا، بل وجاء مؤتمرها الثالث للتنظير لهذه السياسة المعادية لمصالح الطبقة العاملة وعموم الأجراء وللمفهوم الجديد للنقابة: "نقابة الشراكة" بدل نقابة النضال والكفاح لمواجهة الهجوم الكاسح على المكاسب العمالية . أكثر من ذلك صارت القيادة تطالب العمال والمأجورين بتقديم تضحيات لضمان تنافسية المقاولة المغربية وتجنيب البلاد " السكتة القلبية". ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل دعمت حكومة التناوب التي كانت تقود هذا الهجوم وذلك بتجميد الحركة النضالية محليا ووطنيا والدعوة الى تنظيم اوراش تطوعية لتوفير ملايين أيام العمل أطلقت عليها : الاوراش الكبرى .
ان هذا المسار الذي اتخذته الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، يبين بشكل واضح أن الحركة "التصحيحية " التي أقدم عليها مناضلو الاتحاد الاشتراكي سنة 1978، كانت مجرد تمزيق جديد للوحدة النقابية ومحاولة مستمرة من قبل أحزاب المعارضة الليبرالية –آنذاك– لفرض هيمنتها على الطبقة العاملة وأدوات نضالها وعلى رأسها النقابات.

4) عقد التسعينيات وتسريع سيرورة تفكك الحركة النقابية.المغربية .

منذ نهاية التسعينيات من القرن الماضي دخلت الحركة النقابية في سيرورة تفكيك ممنهج ، كأحد أبرز أوجه الهجوم النيوليبرالي على الطبقة العاملة وتنظيماتها المختلفة وفي مقدمتها النقابات، بهدف تدمير كل وسائل المقاومة لديها . وكذلك نتيجة الغياب التام للديمقراطية الداخلية وعدم ترك المجال لمبادرات القواعد كنتيجة للهيمنة البيروقراطية على جل النقابات العمالية ، وبالإضافة الى تغيب أساليب الديمقراطية العمالية في تدبير الاختلاف في جهات النظر. وهكذا عرفت الحركة النقابية المغربية تفككا وتشتتا كبيرين اتخذا مظاهر متعددة، ستساهم بشكل واضح في إضعاف خطير لقدرة العمال والمأجورين على مقاومة الهجوم النيوليبرالي المتواصل، ومن أهمها:
  • تواتر الانشقاقات داخل المركزيات النقابية الكبرى ( ك د ش ، ا م ش) في المغرب كنتيجة لانفجار التناقضات الداخلية للقيادات البيروقراطية وهيمنة الأحزاب الليبرالية على هذه القيادة ، والبحث عن قاعدة ارتكاز داخل الحركة العمالية والتنافس حول التمثيلية في مؤسسات الدولة وجلسات الحوار وما يصاحب ذلك من امتيازات . وينطبق هذا على مناضلي التقدم والاشتراكية الذين تم طردهم من الاتحاد المغربي للشغل سنة 1993 بعد فترة طويلة من خدمة مصالح البيروقراطية، فأسسوا نقابة جديدة بمباركة من الحزب سنة 1994 ، تحمل حاليا اسم "اللجان العمالية" . نفس الشئ بالنسبة لمناضلي منظمة العمل الديمقراطي الشعبي الذين دفعوا في اتجاه تأسيس إطار نقابي في أواخر التسعينيات بعد إقصائهم من المواقع القيادية داخل الكونفدرالية الديمقراطية. غير أن هذه المحاولة وصلت الى الباب المسدود. ونفس الأمر أيضا ينطبق على مناضلي الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي أدى طردهم من كدش ، نتيجة حرب المواقع بين القيادة الحزبية والقيادة السياسية داخل الحزب ، الى تأسيس الفيدرالية الديمقراطية للشغل la F D T في مايو 2002 . وهذا كان حال كذلك بعض مناضلي حزب المؤتمر الوطني الاتحادي الذين انشقوا عن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بعد المؤتمر الثامن للنقابة الوطنية للتعليم في صيف 2006 وأسسوا المنظمة الديمقراطية للشغل l'O D T في نفس السنة بعد ان طهرت بوادر الانشقاق خلال التحضير للمؤتمر .ان هذا الواقع يؤكد بشكل ملموس ان البيروقراطيات النقابية هي من يبادر بالانشقاق عندما تعجز عن احتواء تناقضاتها الداخلية ولو كان ذلك على حساب مصالح الطبقة العاملة ووحدتها .
  • ظهور نقابات تابعة لأحزاب رجعية تبحث عن موطئ قدم وسط الطبقة العاملة. ومنها الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب الذي أسسه عبد الكريم الخطيب سنة 1973 وقام حزب العدالة والتنمية – حزب سلفي رجعي – بإحيائه في أواسط التسعينيات من القرن العشرين ، تنفي ايديولوجيته مفهوم الصراع الطبقي كمحرك للتاريخ ، وتعتبر انه على العمال وأرباب أن يتعاونوا بما يحقق المصلحة المشتركة (مفهوم مشوه لشعار الشراكة بين النقابات وارباب العمل). وقد أصبح ينافس النقابات الأخرى في مجموعة من القطاعات وبالخصوص الوظيفة العمومية وفي مقدمتها التعليم. بالإضافة الى هذه النقابة نجد نقابات تابعة لمختلف الأحزاب الرجعية والتي تجعل من القطاعات العمالية ذات الوعي المتأخر قاعدة انتخابية.
  • تعيش القواعد النقابية تذمرا كبيرا بسبب السطوة البيروقراطية على النقابات، سيخلف انعكاسات خطيرة ستساهم بدور كبير في تعميق تفكك الحركة النقابية المغربية. حيث توالت الانسحابات الفردية والجماعية من النقابات، تجميد النشاط النقابي من طرف مجموعة من المناضلين الذين كانوا يشكلون الجزء النشيط من الطليعة ، كاحتجاج على الهيمنة البيروقراطية وسياسة التعاون الطبقي للقيادات النقابية وغياب الديمقراطية الداخلية. إننا نتفق مع هذا التشخيص الذي يقدمه هؤلاء للأزمة التي تعيشها الحركة النقابية في المغرب، غير أننا نختلف معهم في الحلول التي لجئوا إليها للخروج منها  لسبب وجيه وهو كونهم اختاروا الطريق الأسهل وغيبوا وحدة الطبقة العاملة وغلبوا المصالح الفئوية. وهذا يخدم مصالح الطبقات المالكة ودولتها. فبعضهم وجد المخرج من الأزمة في التنقل بين النقابات أو نفخ الروح في نقابات ظلت ميتة لفترة زمنية طويلة جدا، ظنا منهم ان ذلك هو الحل المناسب لأزمة البيروقراطية والتخلص من سطوتها وينسون ان " البيروقراطية مرض ملازم للتنظيمات العمالية في ظل المجتمع الرأسمالي ". انه نفس التيه الذي قاد مجموعة من المناضلين النقابيين الى إحياء الاتحاد النقابي للموظفين التابع للاتحاد المغربي للشغل مشلول منذ إلغاء الإضراب العام الذي دعا إليه سنة 1961. ان هؤلاء المناضلون  يساهمون بقصد أو بغير قصد في مزيد من التمزيق النقابي في العديد من القطاعات.البعض الآخر، وجد الحل في تأسيس نقابات مستقلة فئوية وجهوية ضيقة ومعزولة تشكل بالفعل آلاف من الخطوات الى الوراء في تطور الوعي النقابي والسياسي لدى طبقة الأجراء خاصة في قطاعات تعرف تقاليد نضال نقابي عريقة كالتعليم والصحة. هو حال الهيئة الوطنية للتعليم التي خلقها أساتذة التعليم الإعدادي سنة 2004 وكذا النقابة المستقلة لأساتذة التعليم الابتدائي سنة 2006. وهي نقابات تحمل في ذاتها بوادر الأزمة( سنعود لهذا في موضوع آخر). بينما فضل البعض التقوقع في نقابات جهوية ينحصر تأثيرها على نطاق ضيق – كتقليد مشوه للنموذج الاسباني حيث نجد العديد النقابات الجهوية (كاطالونيا،الأندلس ...). إنها الفكرة التي تبناها بعض المناضلين في الشمال وخاصة بالحسيمة التي تم فيها خلق نقابة مستقلة أطلق عليها "الفضاء النقابي الديمقراطي بالحسيمة" على اثر أزمة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل سنة 2002 . بل ان البعض يذهب الى ابعد أشكال النزعة الجزيئية بالدعوة الى خلق نقابات على أسس اثنية (نقابية امازيغية) ، تعيدنا بالذاكرة الى فترة الأربعينيات عندما دعا البعض الى خلق نقابات بناءا على الانتماء العرقي والديني (مسلمين ، مسيحيين ، يهود ...)

II - التوجه النقابي الديمقراطي الكفاحي: الطريق الى إعادة بناء الوحدة النقابية.

1 ) النقابات التقليدية ودعوات الوحدة.

ان تاريخ الحركة النقابية المغربية بعد الاستقلال يشهد على مدى الصراع والتنافس الذي ميزها خاصة بعد التشتت الكبير الذي اصبحت تعيشه ، حيث ان النضالات في غالب الاحيان تخنق بفعل الصراعات والاتهامات المتبادلة بين القيادات والجدال العقيم حول مدى شرعية ومشروعية تمثيل العمال والأجراء ، فاسحة المجال أمام الباطرونا ودولتها للانقضاض على حقوقهم ومكاسبهم.وتكفي هنا الإشارة الى موقف قيادة الاتحاد المغربي للشغل من النقابات الأخرى التي تعتبرها "نقابات مزيفة وأندية فارغة" وتعمل على تجاهلها باستمرار . وموقف قيادة ك د ش التي تصف الاتحاد المغربي للشغل ب "النقابة الخبرية". او موقف المركزيات النقابية (الاكثر تمثيلية) من النقابات المستقلة التي برزت الى الوجود في السنوات الاخيرة ، كنتيجة حتمية لخنق الطاقات النضالية للقواعد داخل هذه المركزيات . وأصبح منطق العداء هو أساس التربية التي تتلقاها القواعد داخل مختلف النقابات ، وهو ما جعل نقاش الوحدة النقابية يغيب تماما عن تفكيرها والاعتقاد بإمكانية حل المشاكل دون الحاجة الى التضامن والعمل المشترك بين عمال وعاملات هذه النقابات يتضخم لدى كثير من هذه القواعد.
ان هكذا تشريحا للوضع النقابي لا يعنى غياب دعوات الوحدة تصدر هنا وهناك من طرف القيادات البيروقراطية لبعض التنظيمات النقابية ، غير أنها لا تخرج عن اطار المزايدة والهروب الى الامام ولا علاقة لها بالدفاع عن مصالح العمال وعموم الأجراء لأنها لا ترسم افقا واضحا لهذه الوحدة.ولهذا سنحاول التطرق لنموذجين من هذه الدعوات والعمل على كشف خلفيات كل منهما يتعلق الأمر ب :
1 -1 : الدعوة صادرة عن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل سنة 1985 وموجهة الى كل من الاتحاد المغربي للشغل UMT والاتحاد العام للشغالين بالمغرب  l'U G T Mمن اجل "التوصل الى صيغة للعمل المشترك" و"توحيد المطالب والمواقف" . وتم تجديد هذه الدعوة سنتين بعد ذلك.ظل الاتحاد المغربي للشغل متجاهلا لهذه الدعوات ، بينما انتظر الاتحاد العام حتى فبراير 1988 ليستجيب لنداء ك د ش ويبدأ التنسيق بين النقابتين الذي توج بالإعلان عن الإضراب العام الذي نفذ في 14 دجنبر 1990 . والجميع يعلم انه لم يأت بشئ جديد للعمال بل زادهم الشك في أنفسهم والقدرة انتزاع مطالبهم نظرا للتدبير السيئ لهذه المحطة النضالية . لقد كانت تحكم التنسيق بين ك د ش و أ ع ش م خلفيات سياسية بعيدة كل البعد عن مصالح الاجراء ولا يروم فتح الطريق في تجاه بناء وحدة نقابية فعلية . تتمثل هذه الخلفية في رغبة احزاب المعارضة الليبرالية في استعمال الحركة النقابية كوسيلة لممارسة الضغط الاجتماعي على النظام السياسي للاستجابة لمطالبها المرتبطة بالتعديلات الدستورية . وهذا جعل عمر هذا التنسيق قصيرا ولم يقدم للطبقة العاملة أية إضافة وقد توقف بدخول "الأحزاب الصديقة" في حكومة التناوب . ويرجع فشل هذا التنسيق الى مجموعة من العوامل المتداخلة فيما بينها نذكر منها :
ý      كون هذا التنسيق لم ينبع من المصالح الفعلية للعمال او جاء في خضم دينامكية نضالية منطلقة من القاعدة ، بل من حاجة قوى سياسية ليبرالية الى قاعدة اجتماعية للضغط على النظام السياسي في نضالها الدستوري .
ý      كون التربية التي يتلقاها العمال المنظمين بمختلف النقابات تساهم في إفساد الوعي الطبقي لديهم عير بث روح التنافس ورفض الآخر واعتباره العدو الرئيسي بدل العدو الطبقي . أنها تربية تغيب عن وعي روح التضامن ، العمل المشترك والوحدة بين العمال حتى تحافظ القيادات البيروقراطية على مصالحها كشريحة اجتماعية ذات امتيازات خاصة .
ý      كون التنسيق لم ينبني على أسس ديمقراطية داخلية حقيقية تكون فيها الكلمة للقواعد النقابية ، بل كان تنسيقا فوقيا بين قيادتي ك د ش وا ع ش م . ولم يكن هناك أي نقاش قاعدي يحدد أهدافه بوضوح .
1- 2 : أما بالنسبة لقيادة الاتحاد المغربي للشغل ، فتطرح مسألة الوحدة بمنظور خاص . فهي تعتبر النقابات الأخرى مجرد "نقابات مزيفة وأندية فارغة". فهي ترى ان وحدة الحركة النقابية المغربية تقتضي انضمام العمال المنظمين في النقابات الأخرى الى الاتحاد المغربي للشغل ، عبر ترفع شعار "مرحبا بكم عندنا" . كما جاء ذلك في الدعوة التي تقدمت بها الجامعة الوطنية للفلاحة في مؤتمريها سنة 1999 و2003. ان قيادة الاتحاد المغربي للشغل تتناسى بذلك دورها المدمر في شل الطاقات النضالية للقواعد العمالية طيلة عقود بنهجها سياسة التعاون الطبقي والسلم الاجتماعي مع الباطرونا ودولتها وبالتالي خيانة مصالح الطبقة العاملة والتخلي عن النضال الطبقي الذي يفرضه التناقض الازلي بين الرأسمال والعمل المأجور .وتحاول ان توهمنا انها غير مسؤولة عن التشتت الذي أصاب الجسم النقابي عبر تغييب الديمقراطية الداخلية وفرض خطها البيروقراطي واندماجها المتواصل مع الدولة .كما ان هذه الدعوة تغفل الواقع الحالي للحركة النقابية الذي يشهد ظهور مجموعة من النقابات الأخرى تؤطر جزءا من الأجراء سواء في القطاع الخاص او العام .حتى وان كانت هذه الدعوة تعبر عن صدق النية، فان تجسيدها في ممارسة يومية ملموسة تتوخى بناء الوحدة النقابية غائب تماما، لان هذه القيادة تدرك جيدا ان خطها لن يستمر إلا بجعل الطبقة العاملة سلبية ونضالاتها جزئية ومشتتة وغير منظمة وخلق معارك وهمية مع أطراف نقابية أخرى.

2- كيف نبني الوحدة النقابية ؟

            تقع على عاتق المناضلين الديمقراطيين الكفاحيين داخل الحركة النقابية المغربية مهام جسيمة للدفاع عن أساليب الديمقراطية العمالية وتكريسها داخل الممارسة النقابية اليومية ومعارضة الانشقاقات والتشتت بشكل حازم ودعوة الجماهير العمالية وعموم الأجراء الى الوقوف باستمرار الى جانب الوحدة النقابية .وهذا يستتبع طرح السؤال التالي : ما هي الوحدة النقابية التي ينشدها التوجه النقابي الديمقراطي الكفاحي ؟ وما هي آليات تحقيقها في ظل التمزيق والتشتت اللذين تعيشهما الحركة النقابية المغربية اليوم؟
ينبغي ان نشير في البداية الى ان الطريق الى الوحدة النقابية سيكون شاقا وطويلا ويقتضي منا كثيرا من التضحيات والجهود لان القيادات البيروقراطية للنقابات المغربية نجحت في إفراغ العمل النقابي من مضمونه الديمقراطي والكفاحي وبثت في القواعد السلبية والانتظارية .
ان مناضلي التوجه النقابي الديمقراطي الكفاحي لا يطمحون الى تحقيق الوحدة النقابية باستبدال النقابات الموجودة أو بدعوة العمال والمأجورين الى الانضمام لنقابة بعينها أو بالتسابق لاحتلال المقاعد في الأجهزة جهويا ووطنيا واعتبار ذلك السبيل الى الوحدة التي ستأتي بالتدريج كما يعتقد البعض ، بل يرغبون في وحدة نقابية تنطلق من مصالح العمال والعاملات وعموم الأجراء المباشرة والديمقراطية ومطالبهم ونضالاتهم وتطلعهم الى التخلص من أغلال مختلف أشكال الاستغلال والاضطهاد ، وتوحد جهودهم المشتتة للتنظيم والنضال لوقف الهجوم النيوليبرالي الذي وصل احدا لا يطاق وسيزداد شراسة مع الأزمة المالية الحالية ، وحدة يكون هدفها الرئيسي إعادة بناء الحركة النقابية على أسس ديمقراطية وكفاحية مناهضة للرأسمالية لإخراج الطبقة العاملة من حالة التشتت والعجز والتنافس بين الاجراء الذي يفرضه رأس المال ودولته ووكلاؤهما داخل الحركة العمالية الذين يخونون مصالح العمال باسم "السلم الاجتماعي" و "الشراكة" وغيرها من المفاهيم البعيدة عن التقاليد النقابية الأصيلة التي جعلت من النقابات لوقت طويل أدوات حاسمة وفعالة في النضال ضد الاستغلال الرأسمالي .
إن حالة الضعف التي تعيشها الحركة النقابية في المغرب نتيجة التشتت والتمزيق المتواصل، كجزء من السياسة التي يتبعها الرأسمال لإضعاف النقابات لتسهيل تمرير مخططاته المعادية للطبقة العاملة وعموم الكادحين، تقتضي وضع الوحدة النقابية كأولوية الأولويات بالنسبة لجميع المناضلين الديمقراطيين الكفاحيين باختلاف انتماءاتهم . وفي نظرنا يمر بناء هذه الوحدة بالارتكاز على العناصر التالية :
¨       تنظيم دعاوة وتحريض واسعين في اتجاه الطليعة النقابية التي لم تراكم خيبات الأمل حول أهمية العمل النقابي وإقناعها بالاستمرار في النضال داخل النقابات الجماهيرية رغم بيروقراطيتها وتعفنها وتجنب الانسحابات وتجميد النشاط أو التيه في التنقلات بين النقابات والمساهمة في بلورة خط نقابي ديمقراطي كفاحي يلف جميع المناضلين المكافحين والمعارضين للخط الاستسلامي للقيادات البيروقراطية .لان ذلك هو الطريق الصحيح لهزم هذه الأخيرة وإعادة الثقة للعمل النقابي الجماهيري .
¨       النضال الى جانب الطبقة العاملة ومختلف فئات المأـجورين وتنظيم دعاية وتحريض متواصلين حول اهمية وضرورة الوحدة النقابية في النضال من اجل المطالب مهما كانت بسيطة وأنها هي السبيل الوحيد لفرض تحقيقها على الباطرونا التي لها وعي حاد بمصالحها وتوحد جهودها باستمرار لحمايتها وهو الدرس الذي تثبته الأزمة المالية الحالية بشكل ساطع ليس فقط على الصعيد المحلي بل على الصعيد العالمي.يجب ان نعلم العمال ما جدوى رفع شعار " يا عمال العالم اتحدوا"و شعار"بالوحدة والتضامن إلا بغيناه يكون" خاصة في الظروف الحالية .
¨       العمل على صياغة ملفات مطلبية تنطلق من تطلعات وآمال العمال وعموم الكادحين وتأخذ بعين الاعتبار جميع المطالب مهما كانت بسيطة وتدمج بين المباشر من هذه المطالب والديمقراطي منها ويكون موجهها الأساسي الدفاع المستميت عن حقوق ومطالب العمال وعموم الاجراء وهدفها التصدي للهجوم البرجوازي في مختلف تجلياته . مطالب انتقالية تضع النظام الرأسمالي موضع اتهام والمسؤول عن جميع الفظاعات التي تعاني من البشرية.
¨       الدفاع عن الديمقراطية الداخلية من قبل المناضلين الديمقراطيين الكفاحيين واعتماد التسيير الذاتي الديمقراطي من طرف العاملات والعمال. لان غياب الديمقراطية الداخلية يؤدي الى سيادة السلبية وهو ما يشكل عائقا أمام تفجير الطاقات النضالية الكامنة لدى الأجراء ، كذا قمع مختلف وجهات النظر المخالفة للقيادة ولا يتم إعطاؤها المجال للتعبير عن نفسها.وفضح مختلف مظاهر تغييب هذه الديمقراطية داخل النقابات المغربية .
¨       يجب على كذلك ان نعمل على إحياء مختلف تقاليد النضال النقابي القديمة التي أثبتت ولازالت تثبت نجاعتها في مقاومة الهجوم البرجوازي على حقوق ومكاسب الأجراء كلجان الإضراب التي تضم العمال والعاملات المنقبين وغير المنقبين لاجل تسيير المعركة تسييرا ديمقراطيا ، احتلال المعامل كرد على الاغلاقات والتسريحات ، الرقابة العمالية وكشف دفاتر الحسابات . الى جانب إبداع أشكال نضالية جديدة تأخذ بعين الاعتبار مطالب وتطلعات فئات عمالية واجتماعية مضطهدة كالنساء، الشباب ....ومن جهة اخرى احياء تقاليد التضامن الاممي ونسج علاقات مع الحركة النقابية بدول اخرى وفي المقام الاول الحركة النقابية بالدول المغاربية والضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط
¨       النضال من اجل الدفاع عن الحريات النقابية (حق التنظيم النقابي ، حق الإضراب ...). اذ لا يمكن ان نبني ميزان قوة لصالحنا داخل النقابات او في العلاقة مع الباطرونا وجزء كبير من العمال والعاملات يخشون الانخراط في العمل النقابي لأنه قد يعني لهم بكل بساطة الطرد من العمل نتيجة الخيانات المتكررة للقيادات البيروقراطية . بالنتيجة سنكون عاجزين عن مواجهة إجراءات الباطرونا ودولتها . ان انتظام العمال والعاملات داخل النقابات هو الخطوة الأولى والأساسية في تجاه بناء وحدة نضالية بين مختلف ضحايا الهجوم النيوليبرالي بغض النظر عن انتماءاتهم النقابية والسياسية .
¨       يجب كذلك النضال ضد سياسة الخوصصة التي تنهجها الدولة وما يتبعها من تسريحات بالجملة وإعادة هيكلة لمؤسسات الإنتاج تضعف بشكل كبير قدرة الطبقة العاملة على المقاومة وتزرع بين العمال روح التنافس بدل الوحدة والتضامن . يجب ان نستخلص الدروس من الأزمة المالية الحالية ونجعلها قاعدة للدعاوة والتحريض وسط العمال والعاملات وعموم الأجراء لمقاومة هذه السياسة الجائرة . فالأزمة الحالية تثبت بشكل ملموس ان الدولة في حالة الرخاء تقوم بخوصصة المؤسسات العمومية لتذهب أرباحها لجيوب الأغنياء ، وفي حالة الأزمة يتم تأميم الشركات والابناك الخاصة حتى تؤدي الطبقات الكادحة فاتورة خسائرها .انه المنطق الأعمى للرأسمال !!!
¨       ضرورة تجاوز تبادل المعلومات والأخبار بين المناضلين الديمقراطيين الكفاحيين الى بناء تجارب نضالية مشتركة على الأقل في المناطق التي يظهر تأثيرنا كتوجه واضحا وسط العمال والأجراء وتنسيق مختلف أوجه نشاطهم وتدخلهم في الحركة النقابية ،ونسج علاقات وطيدة مع مختلف الحركات الاجتماعية (حركة المعطلين ، الحركة النسائية ، الشباب ...) . وهو ما سيشكل منطلقا لبناء ميزان قوى جديد داخل النقابات كشرط مسبق لنقل نضالات الحركة  من الطابع الدفاعي الى الطابع الهجومي.
         ان الوحدة النقابية على المستوى النضالي والانطلاق من المطالب الآنية للعمال وعموم المأجورين المطالب الوحدوية المناهضة لمصالح الباطرونا المطالب التي تبعث تقاليد النضال الطبقي ضد الاستغلال والاضطهاد ، في الشروط السياسية الحالية حيث تدني الوعي الطبقي وتواصل الهجوم النيوليبرالي على المكاسب والحقوق، هي شرط أولي ضروري لإعادة بناء الحركة النقابية بالمغرب على أسس الصراع الطبقي بالارتكاز على الديمقراطية العمالية والكفاحية . وهذا يقتضي منا فتح نقاش طويل ومتواصل مع جميع المناضلين الديمقراطيين الكفاحيين في كافة القطاعات والمركزيات بصرف النظر عن انتماءاتهم السياسية والأيديولوجية حول الأهداف التي بإمكانها أن تجمعنا ووسائل تحقيقها. على ان يكون هذا النقاش هادفا وفيه كثيرا من الصبر وطول النفس وتقبل الآخر.
فلتكن هذه الأرضية منطلقا لهذا النقاش ومنذ الآن من اجل كسب المعركة ضد البيروقراطية النقابية، ومن اجل الطبقة العاملة الجماهير الكادحة في طريق التحرر من الاستغلال والاضطهاد.
 التوجه النقابي الديمقراطي الكفاحي
2009/02/09
********************

من هو المحجوب بن الصديق


من هو المحجوب بن الصديق؟

 توفي يوم الجمعة 17 شتنبر 2010 في مصحة بباريس المحجوب بن الصديق في سن يناهز 88 سنة. وكان المحجوب قد ظل امينا عاما للاتحاد المغربي للشغل منذ تاسيسه في 20 مارس  1955 الى يوم وفاته.

وعادة ما تنشر صحافة الإشفاق على البؤس العمالي بورتوريهات عن "الزعماء الخالدين " لنقاباتنا بالمغرب ،تحاول أن تبيض تاريخهم ،مموهة التاريخ للجيل الجديد من النقابيين ،ومحاولة من موقع الكفاح النقابي في نشر الحقائق التاريخية حول "القادة البيروقراطيين بنقابات المغرب "ننشر ترجمة الموقع لمقال حول المحجوب بن الصديق كتبه رونيه غاليسو  في كتاب سلسلة أعلام الحركة النقابية ، يظهر فيه دور المحجوب بن الصديق في ماوصلت إليه نقابة إمش من اصطفاف إلى جانب الملك  وحالة التفسخ التي وصلتها هذه النقابة العمالية والتي كان عدد منخرطيها أكثر من 560000 بطاقة سنة 1956. "كفاح نقابي    
................................................................................................................................
 ولد  يوم 20 فبراير 1922 بمكناس،  اشتغل عاملا بسكك الحديد ثم رئيس محطة قطار. جاء إلى العمل
النقابي (1946-1947) من حزب الاستقلال، كان الناطق الرسمي باسم الوطنيين بالاتحاد العام للنقابات المتحدة في المغرب المنضوي في الكونفدرالية العامة للشغل- -CGT، و عضوا باللجنة التنفيذية و بأمانة الاتحاد العام للنقابات المتحدة بالمغرب مند 1950. صار أمينا عاما لفدرالية عمال سكك الحديد في يونيو 1951 بعد أن كان عضوا في المكتب. اعتقل سنة 1951 ومن نوفمبر 1952 إلى سبتمبر 1954. و بالسجن، وفي صلة بالكونفدرالية الدولية للنقابات الحرة- CISL - جرى تحضير مشروع اتحاد نقابي وطني سيصبح الاتحاد المغربي للشغل المؤسس يوم 20 مارس 1955. أمين عام الاتحاد المغربي للشغل، وأصبح زعيم العمل النقابي الوطني المغربي.
نشأ  المحجوب بن الصديق في أسرة برجوازية صغيرة حضرية ـ كان والده حرفيا ـ ما مكنه  من التسجيل بمدرسة أبناء الأعيان (تعليم ابتدائي)، وتابع سنة أولى دراسية بثانوية مكناس. حصل على شهادة الدروس الابتدائية (فرنسية). وأستكمل هذا الزاد المدرسي بتكوين ذاتي، لا سيما بقراءة الصحف العربية والفرنسية. و في سبتمبر 1938 اجتاز  بنجاح مباراة ولوج السكك الحديدية وأصبح عامل سكك، وعين رئيس محطة قطار بالقرب من سيدي قاسم التي كانت وقتذاك مركزا صغيرا لاستغلال البترول. و أصبح لاحقا رئيس محطة في بلدة  بناحية مكناس.
قام المحجوب بن الصديق، " الذي لم تكن لديه آنذاك روابط بالكونفدرالية العامة للشغل - CGT -  بتنشيط خلايا لحزب الاستقلال بين عمال سكك الحديد" (أطروحة فؤاد بن الصديق، المواقف السياسية للحركة النقابية في مغرب الاستعمار 1930-1956 مرجع مذكور صفحة 447). لفت نشاطه الدينامي انتباه قيادة حزب الاستقلال، وبشكل خاص قادته اليساريين الذين كانوا  يرتئون الارتكاز على العمل النقابي، أي كل من عبد الرحيم بوعبيد وعبد الله إبراهيم والمهدي بن بركة. في طور أول اقتدى هؤلاء بتجربة فرحات حشاد الذي قطع مع الكونفدرالية العامة للشغل  CGT من أجل خلق فدراليات نقابية مستقلة، ثم خلق الاتحاد العام التونسي للشغل. و في العام 1947 أطلق فرحات حشاد "نداء إلى عمال شمال أفريقيا" من أجل خلق "فدرالية نقابية لشمال أفريقيا".
وفق هذا الخط  المتحفظ، و المجادل بعنف، إزاء الشيوعيين الذين كانوا يقودون النقابات، نشر المحجوب بن الصديق مقالاته الأولى الموقعة باسم"عامل سكك الحديد الصغير" في الجريدة الأسبوعية الوطنية  المغاربي الفتي  Jeune Maghrébin (5 و13 ديسمبر1946 ويناير وفبراير ومارس 1947). أدان روابط الحماية بين إدارة سكك الحديد و  الكونفدرالية العامة للشغل CGT وبالتالي الشيوعيين، و أثار الانتباه  إلى تباين الأجور وتفاوت الوضع القانوني بين المغاربة والفرنسيين.  و هنا نقطة الهجوم على ما اسماه "العمل النقابي الاستعماري" في مقال مدو بجريدة حزب الاستقلال باللغة الفرنسية "رأي الشعب" بتاريخ 20 سبتمبر 1947. كان المقال عنوانا رئيسا للصفحة الأولى وبأحرف كبيرة: "العمل النقابي الوطني والعمل النقابي الاستعماري".  يعتبر المقال انه بوجه "النقابة الماركسية" التي هي الكونفدرالية العامة للشغل- CGT-، وبوجه  و النقابة المسيحية التي تمثلها الكونفدرالية الفرنسية للعمال المسيحيين- CFTC - ثمة حاجة إلى "نقابة إسلامية". و مدفوعا  قٌدما من يسار حزب الاستقلال، برز المحجوب بن الصديق إذن بطلا للعمل النقابي المغربي ضد الشيوعيين. كان يلاحظ أن "العمل النقابي المغربي لم ير النور بعد،  بالأقل رسميا..." لأن " النزعة الأبوية" لدى "النقابات الأجنبية المعترف بها والمعتمدة" أي نقابات  الكونفدرالية العامة للشغل CGT و نقابات"الحزب الذي يدعمه"، "تزيف عملها النقابي وتجعله مقيتا". وقع رئيس محطة القطار هذا المقال بالزوفري «l'ouvrier »  كلمة بدلالة  مشينة وحتى قدحية في اللغة العامية المغربية. طبعا ردت أسبوعية الاتحاد العام للعمل L'Action syndicale  [العمل النقابي] ( عدد 1 أكتوبر 7 194) على تلك الهجمات (مقال مامون العلوي، نقابي شيوعي في البريد بعنوان "النزعة الاستعمارية للاتحاد العام للعمل؟  ترهات استعمارية").
كان المحجوب بن الصديق  يتبنى الموقف الوطني التقليدي الرافض لأولية الصراع الطبقي، ويتحدث عن الاتحاد والوحدة الوطنية و يخضع كل العمل للنضال الوطني:"يجب على العامل أن يناضل ليس ضد طبقة، بل ضد الامبريالية وخدامها" أو كذلك " يجب على العمل النقابي أن يكون في خدمة الأمة" ( جريدة رأي الشعب، 18 أكتوبر 1947). حينئذ كلف المهدي بنبركة المحجوب بن الصديق بتنظيم مدرسة تكوين نقابي في الدار البيضاء، لكن المحاولة فشلت.
 لقد استخلصت قيادة الاستقلال دروس إضراب عمال السكك في مارس 1948 الذي أدى إلى أهم حركة إضراب في تاريخ المغرب المستعمر، و حقق زيادات في الأجور للجميع بنسب بلغت 50 في المائة من الأجر الأدنى، وانتزع من السلطات الفرنسية تجديد الوعد ب"حق العمل النقابي بلا قيود"، أي معترف به للمغاربة. كان هؤلاء أعضاء بالكونفدرالية العامة للشغل –الاتحاد العام للنقابات بالمغرب CGT-UGSM يمثلون أربعة أخماس المنخرطين فيما كان الموظفون الفرنسيون يفضلون غالبا نقابات القوة العمالية المرتبطة ب "الوطن الفرنسي". و بحفز من يساره "النقابي"، أو بالأحرى المهدي بن بركة، قرر حزب الاستقلال آنذاك ممارسة الدخولية في الكونفدرالية العامة للشغل. وأصبح المحجوب بن الصديق رأس حربة هذا التوجه الاستقلالي.
في الحقبة ذاتها بدأ  النقابيون الشيوعيون المهيمنون في الاتحاد العام لنقابات المغرب- UGSM - التوجه صوب تحويل هذا الاتحاد إلى "اتحاد نقابي مغربي". مع أن انضمامهم كان مسموحا به، فإن ظهير 24 يونيو 1938 الذي كان يمنع المغاربة من العمل النقابي  لم يلغ سوى في 20 يونيو 1950، و بلا  إشهار فضلا عن ذلك. كما  ُشرع، في 1948-49 ، في طور مديد من إعداد نص جديد حول الحق النقابي، وكانت المسالة العالقة تخص عدم الميز في قيادة النقابات بالنظر إلى أن المغاربة كانوا قد أصبحوا أغلبية واسعة: إما  قاعدة النسبية أو الحصة أو التكافؤ بتخصيص النصف للفرنسيين، وهو ما يمثل مواصلة تضييق مكانة المغاربة. حسم الحزب الشيوعي المغربي لصالح هذا التوزيع المتكافئ ، لكن المتفاوت، ضاغطا على الإقامة العامة في هذا الاتجاه .
 وعلى العكس، طالب المحجوب بن الصديق وحزب الاستقلال بالحق النقابي للمغاربة "بلا قيود". و في هذا السياق يجب تفسير الدور الذي اضطلع به المحجوب بن الصديق في الوفد النقابي الذي أُستقبل بقصر فاس يوم 29 أبريل 1949.  حصل نقابيو حزب الاستقلال، بتوصية من المهدي بن بركة ، على تعهد السلطان الذي أعلن موافقته على الحق النقابي لـ"جميع رعاياي".  ودعم السلطان، في تعارض مع مشاريع الإقامة العامة التي كانت تبقي قيودا،  مشروع ظهير "يضمن للعمال المغاربة الحقوق كاملة و بلا قيود". كانت تلك بداية تفاهم، وحتى ميثاق، بين السلطان والزعيم النقابي الشاب المتحدث باسم العمال المغاربة (كان عمر المحجوب وقتذاك 26 سنة).
كان فاتح مايو 1949 ، أكثر مما سبق،فرصة الاتحاد العام لنقابات المغرب - l'UGSM - لإبراز حجم  المغاربة في النقابة، ودفع المؤتمر المنعقد بمكناس في الأيام التالية نقابيين مغاربة إلى وظائف قيادية، مع مرافقتهم بمسئولين شيوعيين "أوروبيين". على هذا النحو دخل المحجوب بن الصديق إلى مكتب فدرالية عمال سكك الحديد. وانتخب، بعد أن كان عضوا باللجنة التنفيذية، إلى مكتب الاتحاد العام لنقابات المغرب - l'UGSM - لما قرر المؤتمر في نوفمبر 1950 وضع أنظمة اتحاد نقابي مغربي وتوزيع  مناصب المسؤولية النقابية مناصفة بين الوطنيين والشيوعيين. وأصبح الطيب بن بوعزة أمينا عاما بالنيابة للاتحاد إلى جانب الشيوعي اندريه لوروا André Leroy. و في هذا المؤتمر تمكن الاستقلاليون من تمرير تعديل في البرنامج النقابي يطالب بإنهاء الحماية.
لم يبرز المحجوب بن الصديق، في النقاشات والاجتماعات حول تشكيل اتحاد نقابي مغربي ، ناطقا رسميا، شديد العدوانية، باسم التيار الوطني وحسب، بل مكلفا بالالتفاف على المواقع الشيوعية، و ذهب باحثا عن دعم من الاشتراكيين الفرنسيين بالمغرب، حتى لدى أشدهم معارضة للحركة الوطنية المغربية، والذين، فضلا عن ذلك، انضموا إلى نقابة القوة العمالية Force ouvrière ، ربما هل كان ذلك منفذا نحو الكونفدرالية الدولية للنقابات الحرة الموالية للحركة النقابية الأمريكية، والتي انتمى إليها العمل النقابي الاشتراكي؛ و الاشتراكي الديمقراطي أو العمالوي travailliste ؟
التقى المحجوب بن الصديق في مارس 1951 بتونس، حيت كان يشارك في مؤتمر الاتحاد العام التونسي للشغل l'UGTT، بوفد الكونفدرالية الدولية للنقابات الحرة. وعاد إلى الظهور مشروع انضمام اتحاد نقابي مغربي. ارتكز المحجوب بن الصديق في المغرب على فدرالية عمال سكك الحديد التي انتخبته إلى أمانتها العامة في مؤتمر أيام 3 و4 و5 يونيو 1951، لكن القرار النهائي المطابق لخط  الاتحاد العام لنقابات المغرب – الكونفدرالية العامة للشغل l'UGSM-¬CGT المنتمي للفدرالية العالمية للنقابات ذات التوجه الشيوعي السوفيتي، و "الذي صودق عليه بحماس منقطع النظير"، اختتم مع ذلك بشعار " عاشت الكونفدرالية العامة للشغل CGT ، عاشت الكونفدرالية العالمية للنقابات - FSM – عاش الاتحاد النقابي المغربي  المقبل." كان الرهان قائما  بين الكونفدرالية العامة للنقابات و الكونفدرالية الدولية للنقابات الحرة.
 بعد أن اصبح المحجوب بن الصديق زعيم العمل النقابي الاستقلالي، حظي ببعد وطني في حملة التجمعات الجماهيرية صيف 1951 المطالبة بإنهاء الحماية. جعلت هذه الحملة تماثله بالحركة الوطنية المماثلة مع حزب الاستقلال. و اشتد القمع أكثر لما خلف الجنرال غيوم   Guillaume الجنرال جوان Juin في الإقامة العامة. اعتقل المحجوب  بن الصديق يوم 5 نوفمبر 1951 و ُحكم عليه بسنتي سجن نافذ، جرى خفضها في الاستئناف إلى سنة واحدة. و اُطلق سراحه أسابيع قليلة قبل اغتيال فرحات حشاد في تونس، واعتقل مجددا يوم 8 ديسمبر على إثر الإضراب الذي دعا إليه الجناح الاستقلالي في الاتحاد العام لنقابات المغرب، و المظاهرات المقموعة بشكل مرعب بالدار البيضاء. و تعرض في بداية احتجازه لسوء معاملة، من ضرب وتعذيب، مع 13 قياديا نقابيا مغربيا آخرين، وبقي 22 شهرا بالحبس، في القنيطرة بوجه خاص، في فترة خلع السلطان(20 غشت 1953).
لكن الصلات بالخارج باتت ممكنة بفضل نشاط لجنة فرنساـ المنطقة المغاربية بفرنسا، وبعد زيارة لجنة برلمانية فرنسية  للقنيطرة، كان من أعضائها الاشتراكي روبير فيردييه - Robert Verdier -الذي كتب تقريرا إلى المجموعة البرلمانية للحزب الاشتراكي SFIO [الفرع الفرنسي للاممية العمالية] . وقام المحامي جورج ايزار Me Georges Izard بتامين التواصل مع مكتب العمل الدولي - BIT - في جنيف ومع قادة الكونفدرالية الدولية للنقابات الحرة  في بروكسيل. و حرر المحجوب بن الصديق بطلب من هذا المحامي على دفتر مدرسي، أو ربما فقط قام بنسخ، مذكرة من زهاء 50 صفحة موجهة إلى  الكونفدرالية الدولية للنقابات الحرة بعنوان: " تقدم الحركة النقابية المغربية "، تلقت الكونفدرالية الدولية للنقابات الحرة النص في بروكسيل بداية مايو 1954.  وقام روبير بارات - Robert Barrat - بنشر مقاطع منها بالعدد الثاني من النشرة الإخبارية للجنة فرنساـ المنطقة المغاربية، شهر أبريل 1954 والنص الكامل في مؤلفه "العدالة للمغرب".
 كان المحجوب بن الصديق يرد عن نفسه كل "تواطؤ مع الشيوعية" لاسيما أن "النقابيين المغاربة من التيار الاستقلالي يخوضون صراعا بلا هوادة ضد تأثير الشيوعية الكاسح". وكان يستنكر وصاية الكونفدرالية العامة للشغل ويعلن "نهاية حقبة العمل النقابي غير المسيس"، ومن ثمة انضمام الحركة النقابية المغربية إلى "الحركة النقابية الحرة"، والعمل على التوازي،"توازي الهدف"، مع حزب الاستقلال. "إن وحدة المصلحة والخصم (...) قد أملت وحدة العمل (...) بحيث تعمل كل منظمة في إطارها الخاص.".( يبرر فؤاد بن الصديق، في أطروحته المنوه بها آنفا-  صفحة 727، نبرة معاداة الشيوعية تلك بالشروط الظرفية،  لكن أيضا بكون بن الصديق تحركه بشغف " أيديولوجيته الوطنية المعززة بإيمان ديني محتدم ". 
طالبت اللجنة التنفيذية للكونفدرالية الدولية للنقابات الحرة (24-29 مايو 1954 في بروكسيل) بإطلاق سراح النقابيين المغاربة و طالبت، مستندة على مذكرة" تقدم الحركة النقابية المغربية "، بحق تشكيل اتحاد نقابي مغربي. وجرى استقبال أولدنبروك - Oldenbroek - أمين عام الكونفدرالية الدولية للنقابات الحرة في بروكسيل يوم 3 غشت 1954 من طرف رئيس المجلس الفرنسي بيار مانديس فرانس- Pierre Mendès-France.- . و يوم 28 سبتمبر 1954 أصدرت المحكمة العسكرية الفرنسية قرار تبرئة كل الموقوفين سنة 1952، و أخلي سبيل النقابيين المغاربة، لكن ما زالت عودة السلطان منتظرة.
يوم 5 يناير وجهت "اللجنة من أجل بناء وتطوير العمل النقابي الحر بالمغرب" نداء داعيا إلى خلق اتحاد نقابي مغربي، مستبقا مشروع الكونفدرالية العامة للشغلCGT   القاضي بتحويل الاتحاد العام لنقابات المغرب إلى اتحاد نقابي مغربي منضو تحت لواء الكونفدرالية العالمية للنقابات. حصل المحجوب بن الصديق على دعم قادة الكونفدرالية الدولية للنقابات الحرة الذين التقاهم بباريس في مؤتمر نقابة "القوة العمالية" FO في نوفمبر 1954 ثم في بروكسيل. و عاد إلى المغرب يوم 9 يناير 1955 بينما كان الطيب بن بوعزة قد قام بتجميع النقابيين المغاربة. استقبل  المقيم العام موريس بابون - Maurice Papon - ، الموظف السابق لدى فيشي - Vichy - والمحافظ السابق في الجزائر قبل أن يصبح محافظ شرطة باريس، أعضاء اللجنة التحضيرية يوم 11 يناير، الحاصلين والحالة تلك على ضوء أخضر من السلطات الفرنسية. كان الأمر "اتفاقا ضمنيا" لأن الحق  النقابي لن يُعترف به "للرعايا المغاربة" سوى بصدور ظهير 12 سبتمبر 1955، في الفترة الانتقالية قبل تشكيل أول حكومة للمغرب المستقل.
 بعد السماح له، أخيرا، أقام وفد من الكونفدرالية الدولية للنقابات الحرة  بالمغرب من 7 إلى 11 مارس. و انعقد الاجتماع الحاسم يوم 11 مارس بمنزل المهدي بن بركة بحضور عمر بيكو Omar Becu رئيس الكونفدرالية الدولية للنقابات الحرة بالمغرب وأمينها العام اولدنبروك  J-H. Oldenbroek اللذين تمكنا من إخضاع ممثلي القوة العمالية الحاضرين كذلك، وكان  رجلهم هو المحجوب بن الصديق.
 ويوم 20 مارس 1955، انعقد في منزل الطيب بن بوعزة، بدرب بوشنتوف بالدار البيضاء، اجتماع زهاء 40 نقابيا مغربيا يمثلون قرابة 20 اتحادا محليا، من الدار البيضاء بشكل خاص لكن أيضا من الرباط وسلا وأسفي والقنيطرة ومكناس، وهو الاجتماع الذي أعلن تأسيس الاتحاد المغربي للشغل. وضع هذا الجمع المحدود وشبه السري تشكيلة أول لجنة تنفيذية واختار الطيب بن بوعزة أمينا عاما. لكن البلاغ "النهائي"ـ الذي كان المحجوب بن الصديق بعثه  إلى لصحافة، و ُنشر يوم 21 مارس ـ أعلن المحجوب بن الصديق أمينا عاما والطيب بن بوعزة نائبا له، أمر قبله  هذا الأخير بعد رفع شكوى إلى اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال ثم لمجلس المقاومة تحت مسؤولية محمد بصري، الذي حسم الأمر. كان المحجوب بن الصديق شديد الارتباط باليسار الاستقلالي في تلك الفترة، ارتباط بكل من المهدي بن بركة وعبد الله إبراهيم، في حين كان تكوين الطيب بن بوعزة  جرى بأكمله في الكونفدرالية العامة للشغل.
 بعد الاعتراف للمغاربة بالحق النقابي والتحاق الشيوعيين،كرها او طوعا، بالاتحاد المغربي للشغل، بعد محاولتهم حينئذ تشكيل اتحاد نقابي مغربي على حدة، كان اكبر مؤتمر للاتحاد المغربي للشغل هو مؤتمر يومي 24 و 25 ديسمبر 1955. كان بالاتحاد المغربي لشغل آنذاك 180000 عضو، ووزع أكثر من 560000 بطاقة سنة 1956، وأخذ مكانه  في الهيئات الاجتماعية وبورصات العمل، ثم في التعاونيات والتعاضديات، منها تعاضدية التعليم، محتكرا تمثيلي عالم الشغل.  و عمم ظهير 17 يونيو 1957 الحق النقابي على جميع المهن ما عدا أفراد الأمن والجيش،  ونص، انتقاما من الحماية، على شرط الجنسية المغربية في مناصب القيادة. و أصبح المحجوب بن الصديق "الزعيم" الأعلى للاتحاد العمالي و للكيان العمالي. وفي العام 1996(تاريخ كتابة هذا النص) لا يزال أمينا عاما للاتحاد المغربي للشغل.
 بعد الاستقلال تماثل مصير المحجوب بن الصديق مع تاريخ العمل النقابي المغربي، الذي هو أيضا تاريخ تبقرطه ونهاية النقابة الوحيدة. ورافق الانقسام إلى عدة نقابات انشقاقات حزب الاستقلال الذي تطور بصفته حزب الحركة الوطنية الوحيد. ومع ذلك، ظل نموذج المركزية الشيوعية،  القائم على الثنائي الحزب -النقابة، القائد للمنظمات المسماة جماهيرية، يحكم  نمط اشتغال الاتحاد المغربي للشغل، وقاد إلى شخصنة شديدة، وحتى حصرية، حول المحجوب بن الصديق. خلق الاتحاد المغربي للشغل، منذ 1957، منظمة الشباب الخاص به، الشبيبة العاملة المغربية، ودخلت لاحقا في تنافس مع الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، لأن العمل النقابي الطلابي أفلت منها. و سنت حكومة عبد الله إبراهيم، من ديسمبر 1958 حتى مايو 1960، سياسة اجتماعية كان الاتحاد المغربي للشغل شريكها المؤسسي.كما شهدت الفترة لحظة انشقاق حزب الاستقلال ببروز الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، الحزب الذي دافع الاتحاد المغربي للشغل داخله على خط مستقل معتدل ومهدئ للإضرابات خلف عبد الله إبراهيم. و ظل هذا التحالف بين الاتحاد المغربي للشغل للمحجوب بن الصديق والتيار المسمى عماليا أو "مجموعة الدار البيضاء" مستديما. 
 رد حزب الاستقلال على الانشقاق بتأسيس الاتحاد العام للشغالين بالمغرب في مارس 1960، هذه النقابة التي انغرست بشكل ثانوي بالوظيفة العمومية وبين المدرسين ، بينما لزم الاتحاد المغربي للشغل، الذي حافظ على قاعدة مأجورين عمالا ومستخدمين، مسافة ُبعد إزاء اختيارات اشتراكية وطنية جذرية،خ اصة ببن بركة الذي كان يدافع على "اختيار ثوري"(1962) متهما الاتحاد النقابي بالامتثالية المؤسسية. وتواصل تحالف  الاتحاد المغربي للشغل- المحجوب بن الصديق مع تيار عبد الله إبراهيم متمثلا في استمرار الاتحاد الوطني للقوات الشعبية بعد تشكيل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية سنة 1972. كان ذلك النزوع إلى الاستقلالية بفعل المنافسة يخلي المكان لهروب إلى الأمام مثل حملة "مناهضة الصهيونية" خلال حرب 6 يونيو 1967، التي كلفت المحجوب بن الصديق السجن  18 شهرا. هذا مع  أن شقيقه عبد الرحمان بن الصديق ـ القائد للمكتب النقابي للمكتب الشريف للفسفاط بخريبكةـ هو مطلق النصوص المنددة بـ "للتأثير الصهيوني على مراكز القرار الأساسية لسلطة الدولة " عبر حضور مهندسين وأطر "يهود". بعد مغادرة السجن، وإعادة الوصل مع القصر، استعاد المحجوب بن الصديق مكانته على رأس الاتحاد المغربي للشغل. لكن هذا الأخير صار مذاك فصاعدا عرضة لمزاحمة أشد متمثلة في خلق اتحاد نقابي جديد في نوفمبر 1978 قريب من الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الكنفدرالية الديمقراطية للشغل، التي كان زعيمها الشاب، الذي اتهم الاتحاد المغربي للشغل ب"الطفيلية" وب"الجهاز النقابي الفاسد" هو محمد نوبير الاموي. وأصبحت حركية هذا الأخير الفائرة تضع في الظل بطريرك الاتحاد المغربي للشغل المحجوب بن الصديق

أبـــــــي معلم


أبي معلم

بعدما سمع احد أطفال المعلمين الذين اتخذت الحكومة الفلسطينية قرارا بحسم قرابة ثلث راتبهم لشهر آذار الماضي بحجة أنهم كانوا من المضربين عن العمل أياما متقطعة خلال الشهر المذكور جادت قريحة الطفل الأدبية فكتب يقول: ا
سجل أبي معلم
ليس بسارق
ولا مارق
ولا متمرد
سجل أبي معلم
أبي المجد
أبي الشمس
أبي النجم
ما ذل يوما وما دنا
سجل أبي معلم
يحارب في الرزق
ويهضم في الحق
وتتساءلون ما الخطب
سجل أبي معلم
لا يملك أن يشتري
لنا لحما من اللون الأحمر
ولا يملك أن يشتري
لنا في العيد فنفرح
سجل أبي معلم
سجل وبعد الخصم
لن يشتري لنا حليبا
أو دواء فنبرأ
وتتساءلون ما الخطب
سجل أبي معلم
قالوا له
اسكت فأنت متمرد
خارج عن حدود الوطن والوطنية والشرعية !!!!
فأنت معلم …….!!!

الإعلان العالمي لحقوق الإنسان


الإعلان العالمي لحقوق الإنسان

في10  دجنبر 1948  قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة, الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و أعلنته, و بعد هذا الحدث
التاريخي دعت الجمعية العامة الدول الأعضاء إلى ترويج نص الإعلان و العمل على نشره و توزي قراءته و مناقشته و خصوصا في المدارس و المعاهد التعليمية بدون أي تمييز بشأن الوضع السياسي للدول أو الأقاليم. و هذا نص الإعلان:

الديباجة
  • لما كان الإعتراف بالكرامة المتأصلة في أعضاء الأسرة البشرية و بحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية و العدل و السلام في العالم .
  • و لما كان تناسي حقوق الإنسان و ازدراؤها قد أقضيا إلى أعمال همجية آذت الضمير الإنساني, و كان غاية ما يرنو إليه عامة البشر انبثاق عالم يتمتع فيه الفرد بحرية القول و العقيدة و يتحرر من الفزع و الفاقة .
  • و لما كان من الضروري أن يتولى القانون حماية حقوق الإنسان, لكي لا يضطر المرء آخر الأمر إلى التمرد على الإستبداد و الظلم .
  • و لما كان شعوب الأمم المتحدة قد أكدت في الميثاق من جديد و إيمانها بحقوق الإنسان الأساسية و بكرامة الفرد و قدره و بما للرجال و النساء من حقوق متساوية, و حزمت أمرها على أن تدفع بالرقي الإجتماعي قدما و أن ترفع مستوى الحياة في جو من الحرية أفسح.
  • و لما كانت دول الأعضاء قد تعهدت بالتعاون مع الأمم المتحدة . على ضمان و مراعاة حقوق الإنسان و الحرية الأساسية و احترامها.
  • و لما كانت للإدراك العام لهذه الحقوق و الحريات الأهمية الكبرى للوفاء التام لهذا التعهد.

فإن الجمعية العامة تنادي بهذا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه المستوى المشترك الذي ينبغي أن تستهدفه كافة الشعوب و الأمم حين يسعى كل فرد و هيئة في المجتمع واضعين على الدوام هذا الإعلان نصب أعينهم, إلى توطيد احترام هذه الحقوق و الحريات عن طريق التعليم و التربية و اتخاذ إجراءات مطردة, قومية و عالمية لضمان الاعتراف بها و بمراعاتها بصورة عالمية فعالة بين دول الأعضاء ذاتها و شعوب البقاع الخاضعة لسلطتها.

المادة الأولى:
يولد الناس جميعا أحرارا متساويين في الكرامة و الحقوق و قد وهبوا عقلا و ضميرا, و عليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء.

المادة الثانية:
لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق و الحريات الواردة في هذا الإعلان, دون أي تمييز كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو رأي آخر, أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر, دون أي تفرقة بين الرجال و النساء.
و فضلاً عن ما تقدم فلن يكون هناك تمييز أساسه الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي للبلد أو لبقعة مستقلةً أو تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أو كانت سيادته خاضعة لأي قيد من القيود.

المادة الثالثة:
لكل فرد الحق في الحياة و الحرية و سلامة شخصه.


المادة الرابعة: 
لا يجوز استرقاق أو استعباد أي شخص و يحضر الاسترقاق وتجارة الرقيق بكافة أوضاعها.

المادة الخامسة:
لا يعرض أي إنسان للتعذيب و لا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية الحاطة بالكرامة .

المادة السادسة:
لكل إنسان أيما ُوجد الحق في أن يُعترف بشخصيته القانونية.

المادة السابعة:
كل الناس سواسية أمام القانون و لهم الحق في التمتع بحماية متكافئة منه دون أي تفرقة, كما أن لهم جميعاً الحق في حماية متساوية ضد أي تمييز يُخل بهذا الإعلان و ضد أي تحريض على تمييز كهذا.

المادة الثامنة:
لكل شخص الحق في أن يلجأ إلى المحاكم الوطنية لإنصافه من أعمال فيها اعتداء على الحقوق الأساسية التي يمنحها له القانون.

المادة التاسعة:
لا يجوز القبض على أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفاً.

المادة العاشرة:
لكل إنسان الحق, على قدم المساواة التامة مع الآخر, في أن تُنظر قضيته أمام محكمة مستقلة نزيهة نظراً عادلاً علنياً للفصل في حقوقه و التزاماته و أية تهمة جنائية توجه إليه.

المادة الحادية عشر:
1ـ   كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئاً إلى أن تُثبت إدانته قانونيا بمحاكمة علنية تؤمن فيها له الضمانات الضرورية
           للدفاع عن نفسه.   
2ـ   لا يُدان أي شخص من جراء أداء عمل أو الامتناع عن أداء عمل إلا إذا كان ذلك جُرماً وفقاً للقانون الوطني أو,
           الدولي وقت الارتكاب
     كذلك لا تُوقع عليه عقوبة أشد من تلك التي كان يجوز توقيعها وقت ارتكاب الجريمة.

 المادة الثانية عشر:
لا يُعرض أحد لتدخل تعسف في حياته الخاصة أو أسرته أو مسكنه أو مراسلاته أو لحملات على شرفه و سمعته, و لكل شخص الحق في حماية القانون من مثل هذا التدخل أو تلك الحملات.

المادة الثالثة عشر:
1ـ   لكل فرد حرية التنقل واختيار محل إقامته داخل حدود كل دولة.
2ـ   يحق لفرد أن يغادر أية بلاد بما في ذلك بلده كما يحق له العودة إليه.

المادة الرابعة عشر:
1ـ   لكل فرد الحق في أن يلجأ إلى بلد آخر أو يحاول الالتجاء إليها هرباً من الاضطهاد .
2ـ   لا ينتفع بهذا الحق من قُدم للمحاكمة في جرائم غير سياسية أو لأعمال تناقض أغراض الأمم المتحدة و مبادئها.

المادة الخامسة عشر:
1ـ   لكل فرد حق التمتع بجنسية ما.
2ـ   لا يجوز حرمان شخص من جنسيته تعسفاً أو إنكار حقه في تغييرها.


المادة السادسة عشر ..
1ـ   للرجل و المرأة متى بلغا سن الزواج حق التزوج و تأسيس أسرة دون أي قيد بسبب الجنس أو الدين و لهما حقوق,    
          متساوية عند الزواج  و أثناء قيامه و عند انحلاله.
2ـ   لا يُبرم عقد الزواج إلا برضى الطرفين الراغبين في الزواج رضىً كاملاً لا إكراه فيه.
3ـ   الأسرة هي الوحدة الطبيعية الأساسية للمجتمع و لها حق التمتع بحماية المجتمع و الدولة.

 المادة السابعة عشر:
1ـ لكل شخص حق التملك بمفرده أو بالاشتراك مع غيره.
2ـ لا يجوز تجريد أحد من ملكه تعسفا.

المادة الثامنة عشر ..
لكل شخص الحق في حرية التفكير و الضمير و الدين, و يشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته ,وحرية الإعراب عنهما بالتعليم و الممارسة وإقامة الشعائر, و مراعاتها, سواء أكان ذلك سراً أم مع الجماعة.

المادة التاسعة عشر ..
لكل شخص الحق في حرية الرأي و التعبير, و يشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل, و استقاء الأنباء و الأفكار وإذاعتها بأي وسيلة كانت دون تقييد بالحدود الجغرافية.

المادة العشرون .. 
1ـ   لكل شخص الحق في حرية الاشتراك في الجمعيات السلمية.
2ـ    لا يجوز إرغام أحد على الانضمام إلى جمعية ما.

المادة الحادية والعشرون:
1ـ   لكل شخص الحق في الاشتراك في إدارة الشؤون العامة لبلاده إما مباشرة و إما بواسطة ممثلين يختارون اختياراً 
        حراُ.
2ـ   لكل شخص نفس الحق الذي لغيره في تقلد الوضائف العامة في البلاد.
3ـ   إن إرادة الشعب هي مصدر سلطة الحكومة, و يعبر عن هذه الإرادة بانتخابات نزيهة دورية تجرى على أساس
        الاقتراع السري و على قدم المساواة بين الجميع أو حسب أي إجراء مماثل يضمن حرية التصويت.

 المادة الثانية و العشرون ..
 لكل شخص بصفته عضواً في المجتمع الحق في الضمانة الاجتماعية و في أن تُحقق بواسطة المجهود القومي و التعاون الدولي, و بما  يتفق و نضم كل دولة و مواردها, الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و التربوية التي لا غنى عنها لكرامته و للنمو الحر لشخصيته.

المادة الثالثة و العشرون ..
1ـ   لكل شخص الحق في العمل, و له حرية اختياره بشروط عادلة مرضية كما أن له حق الحماية من البطالة.
2ـ   لكل فرد دون أي تمييز الحق في أجر متساو للعمل.
3ـ   لكل فرد يقوم بعمل الحق في أجر عادل ُمرض يكفل له و لأسرته عيشة لائقة بكرامة الإنسان, تضاف إليه ـ عند      
          اللزوم ـ وسائل أخرى  للحماية الاجتماعية.
4 ـ   لكل شخص الحق في أن ينشئ و ينظم إلى نقابات حماية لمصلحته.

المادة الرابعة و العشرون ..
لكل شخص الحق في الراحة، و في أوقات الفراغ، و لا سيما في تحديد معقول لساعات العمل و في عطلات دورية بأجر.

المادة الخامسة و العشرون ..
لكل شخص الحق في مستوى من المعيشة كاف للمحافظة على الصحة و الرفاهية له ولأسرته و يتضمن ذلك التغذية و الملبس و المسكن و العناية الطبية و كذلك الخدمات الاجتماعية اللازمة وله الحق في تأمين معيشته في حالات البطالة و المرض و العجز و الترمل و الشيخوخة و غير ذلك من فقدان وسائل العيش نتيجة لظروف خارجة عن إرادته.



 المادة السادسة و العشرون ..
1ـ   لكل شخص الحق في التعلم و يجب أن يكون التعلم في مراحله الأولى و الأساسية على الأقل بالمجان، و أن يكون         
         التعليم الأولي إلزامياً،  و ينبغي أن يعمم التعليم الفني و المهني.و أن ييسر القبول للتعليم العالي على قدم المساواة
         التامة للجميع و على أساس الكفاءة.   
2ـ   يجب أن تهدف التربية إلى إنماء شخصية الإنسان إنماء كاملا، و إلى تعزيز احترام الإنسان و الحريات الأساسية و
         تنمية التفاهم و التسامح و الصداقة بين جميع الشعوب و الجماعات العنصرية أو الدينية و إلى زيادة مجهود الأمم  
          المتحدة لحفظ السلام.
3ـ   للآباء الحق الأول في اختيار نوع تربية أولادهم.

المادة السابعة و العشرون:
1ـ   لكل فرد الحق في أن يشترك اشتراكاُ حراُ في حياة المجتمع الثقافي و في الاستمتاع بالفنون و المساهمة في التقدم
          العلمي و الاستفادة من نتائجه.
2ـ   لكل فرد الحق في حماية المصالح الأدبية و المادية المترتبة على إنتاجه العلمي أو الأدبي أو الفني.

المادة الثامنة و العشرون:
لكل فرد الحق في التمتع بنظام اجتماعي دولي تتحقق بمقتضاه الحقوق و الحريات المنصوص عليها في هذا الإعلان تحققاُ تاماُ.

المادة التاسعة و العشرون:
1ـ   على كل فرد واجبات نحو المجتمع الذي يتاح فيه وحده لشخصيته أن تنمو نمواُ كاملاُ.
2ـ   يخضع الفرد في ممارسته حقوقه و حرياته لتلك القيود التي يقررها القانون فقط لضمان الاعتراف بحقوق الغير و             
      حرياته و احترامها, و لتحقيق المقتضيات العادلة للنظام العام و المصلحة العامة و الأخلاق في مجتمع ديمقراطي.

المادة الثلاثون:
ليس في هذا الإعلان نص يجوز تأويله على أنه يخول لدولة أو جماعة أو فرد أي حق في القيام بنشاط أو تأدية عمل يهدف إلى هدم الحقوق و الحريات الواردة فيه.